للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليحمده الناس عليه فيقولوا: هو سخيّ كريم، وهو رجل صالحٌ" فيحسنوا عليه به الثناء، وهم لا يعلمون ما هو مستبطن من النية في إنفاقه ما أنفق، فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر.

* * *

وأما قوله: (ولا يؤمن بالله واليوم الآخر) ، فإن معناه: ولا يصدق بوحدانية الله ورُبوبيته، ولا بأنه مبعوث بعد مماته فمجازًى على عمله، فيجعل عمله لوجه الله وطلب ثوابه وما عنده في معاده. وهذه صفة المنافق; وإنما قلنا إنه منافق، لأن المظهرَ كفرَه والمعلنَ شركه، معلوم أنه لا يكون بشيء من أعماله مرائيًا. لأن المرائي هو الذي يرائي الناس بالعمل الذي هو في الظاهر لله، وفي الباطن مريبة سريرةُ عامله، مرادٌه به حمد الناس عليه. (١) . والكافر لا يُخِيلُ على أحدٍ أمرُه أن أفعاله كلها إنما هي للشيطان (٢) - إذا كان معلنًا كفرَه - لا لله. ومن كان كذلك، فغير كائن مرائيًا بأعماله.

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

٦٠٣٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو هانئ الخولاني، عن عمرو بن حريث، قال: إن الرجل يغزو، لا يسرق ولا يزني ولا يَغُلّ، لا يرجع بالكفاف! فقيل له: لم ذاك؟ قال: إن الرجل ليخرج، (٣) . فإذا أصابه من


(١) في المطبوعة: "وفي الباطن عامله مراده به حمد الناس عليه"، وهو تصرف من الطابع، وفي المخطوطة: "وفي الباطن مربيه عامله مراد به حمد الناس عليه"، وهي غير مفهومة المعنى، وبين أنه قد سقط منها"سريرة" من قوله"مربية سريرة عامله"، وهو إشارة إلى ما مر في تفسيره قبل من قوله: "فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر". فاستظهرت أن الصواب زيادة"سريرة"، لتتفق مع معاني ما قال أبو جعفر رحمه الله.
(٢) أخال عليه الأمر يخيل: أشكل عليه واستبهم. وسياق الجملة بعد ذلك: "إنما هي للشيطان لا لله".
(٣) في المطبوعة: "قال: فإن الرجل"، وفي المخطوطة: "فإن إن الرجل" تصحيف والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>