للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦٠٧١ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، حدثنا ابن المبارك، عن علي بن علي، قال: سمعت الحسن قرأ: (ابتغاء مرضاة الله وتثبيتًا من أنفسهم) ، قال: كان الرجل إذا همّ بصدقة تثبّت، فإن كان لله مضى، وإن خالطه شك أمسك.

* * *

قال أبو جعفر: وهذا التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد والحسن، تأويل بعيد المعنى مما يدل عليه ظاهر التلاوة، وذلك أنهم تأولوا قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) ، بمعنى:"وتثبُّتًا"، فزعموا أنّ ذلك إنما قيل كذلك، لأن القوم كانوا يتثبتون أين يضعون أموالهم. ولو كان التأويل كذلك، لكان:"وتثبتًا من أنفسهم"; لأن المصدر من الكلام إن كان على"تفعَّلت""التفعُّل"، (١) . فيقال:"تكرمت تكرمًا"، و"تكلمت تكلمًا"، وكما قال جل ثناؤه: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) [النحل: ٤٧] ، من قول القائل:"تخوّف فلان هذا الأمر تخوفًا". فكذلك قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) ، لو كان من"تثبَّت القومُ في وضع صدقاتهم مواضعها"، لكان الكلام:"وتثبُّتًا من أنفسهم"، لا"وتثبيتًا". ولكن معنى ذلك ما قلنا: من أنه: وتثبيتٌ من أنفس القوم إياهم، بصحة العزم واليقين بوعد الله تعالى ذكره.

* * *

فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون ذلك نظيرَ قول الله عز وجل: (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا) [المزمل: ٨] ، ولم يقل:"تبتُّلا".

قيل: إن هذا مخالف لذلك. وذلك أن هذا إنما جاز أن يقال فيه:"تبتيلا" لظهور"وتبتَّل إليه"، فكان في ظهوره دلالةٌ على متروك من الكلام الذي منه


(١) في المطبوعة: "إن كان على تفعلت"، وأثبت ما في المخطوطة، وعبارة الطبري عربية محكمة، بمعنى: لأن المصدر من الكلام الذي كان ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>