للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٣٦- وحدِّثت عن المِنْجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشْر بن عُمارة، عن أبي رَوْق، عن الضحاك في قوله"أليم"، قال: هو العذاب المُوجع. وكل شيء في القرآن من الأليم فهو الموجع (١) .

* * *

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) }

اختلفت القَرَأة في قراءة ذلك (٢) فقرأه بعضهم: (بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) مُخَفَّفة الذَّال مفتوحة الياء، وهي قراءة عُظْم أهل الكوفة. وقرأه آخرون:"يُكَذِّبُونَ" بضم الياء وتشديد الذال، وهي قراءة عُظْم أهل المدينة والحجاز والبصرة (٣) .

وكأنّ الذين قرءوا ذلك، بتشديد الذال وضم الياء، رأوا أن الله جل ثناؤه إنما أوجب للمنافقين العذابَ الأليم بتكذيبهم نبيَّه صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وأن الكذِبَ لولا التكذيبُ لا يُوجب لأحدٍ اليَسير من العذاب، فكيف بالأليم منه؟ وليس الأمر في ذلك عندي كالذي قالوا. وذلك: أنّ الله عز وجل أنبأ عن المنافقين في أول النبأ عنهم في هذه السورة، بأنهم يَكذِبون بدَعْواهم الإيمانَ، وإظهارهم ذلك بألسنتهم، خِداعًا لله عز وجلّ ولرسوله وللمؤمنين، فقال: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا)


(١) الأثر ٣٣٦- ذكره السيوطي ١: ٣٠. وأشار إليه الشوكاني ١: ٣٠.
(٢) في المطبوعة: "اختلفت القراء"، والقَرَأَة: جمع قارئ، وانظر ما مضى، ٥١ تعليق، وص ٦٤ تعليق: ٤، وص ١٠٩ تعليق: ١.
(٣) في المطبوعة: "قراءة معظم أهل الكوفة"، و"قراءة معظم أهل المدينة. . . "، وعظم الناس: معظمهم وأكثرهم. وانظر التعليق السالف، ثم ص ١٠٩ تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>