للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخرجوا من الطيب- وهو الجيد من أموالهم- الطيب. (١) وذلك أن أهل السهمان شركاء أرباب الأموال في أموالهم، بما وجب لهم فيها من الصدقة بعد وجوبها.

فلا شك أن كل شريكين في مال فلكل واحد منهما بقدر ملكه، وليس لأحدهما منع شريكه من حقه من الملك الذي هو فيه شريكه، بإعطائه -بمقدار حقه منه- من غيره مما هو أردأ منه أو أخس. (٢) فكذلك المزكي ماله، حرم الله عليه أن يعطي أهل السهمان= مما وجب لهم في ماله من الطيب الجيد من الحق، فصاروا فيه شركاء= (٣) من الخبيث الرديء غيره، ويمنعهم ما هو لهم من حقوقهم في الطيب من ماله الجيد، كما لو كان مال رب المال رديئا كله غير جيد، فوجبت فيه الزكاة وصار أهل سهمان الصدقة فيه شركاء بما أوجب الله لهم فيه لم يكن عليه أن يعطيهم الطيب الجيد من غير ماله الذي منه حقهم.

فقال تبارك وتعالى لأرباب الأموال: زكوا من جيد أموالكم الجيد، ولا تيمموا الخبيث الرديء، تعطونه أهل سهمان الصدقة، وتمنعونهم الواجب لهم من الجيد الطيب في أموالكم، (٤) ولستم بآخذي الرديء لأنفسكم مكان الجيد الواجب لكم قبل من وجب لكم عليه ذلك من شركائكم وغرمائكم وغيرهم، إلا عن إغماض منكم وهضم لهم وكراهة منكم لأخذه. يقول: ولا تأتوا من الفعل إلى من وجب له في أموالكم حق، ما لا ترضون من غيركم أن يأتيه إليكم في حقوقكم الواجبة لكم في أموالهم.

فأما إذا تطوع الرجل بصدقة غير مفروضة، فإني وإن كرهت له أن يعطي فيها إلا أجود ماله وأطيبه، لأن الله عز وجل أحق من تقرب إليه بأكرم الأموال


(١) قوله: "الطيب" الثانية، مفعول"يخرجوا".
(٢) في المطبوعة"أو أحسن"، وهو فاسد كل الفساد. والصواب من المخطوطة.
(٣) سياق الجملة: أن يعطى أهل السهمان ... من الخبيث الرديء غيره.
(٤) في المطبوعة: "وتمنعونهم الواجب ... "، والذي في المخطوطة صواب، معطوف على: "ولا تيمموا الخبيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>