وأما الحديث في ذاته فصحيح بالأسانيد السابقة وغيرها. وأصل المعنى ثابت من حديث أبي هريرة، من أوجه كثيرة: فرواه البخاري ٣: ٢٢٠-٢٢٣، و ١٣: ٣٥٢ ومسلم، ١: ٢٧٧-٢٧٨، والترمذي ٢: ٢٢-٢٣، والنسائي ١: ٣٤٩، وابن ماجه: ١٨٤٢، وابن حبان في صحيحه ٥: ٢٣٤-٢٣٧ (من مخطوطة الإحسان) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد. ص: ٤١-٤٤. ورواه أحمد في المسند -غير ما أشرنا إليه سابقا-: ٨٣٦٣ (٢: ٣٣١ حلبي) ، ٨٩٤٨، ٨٩٤٩ (ص: ٣٨١-٣٨٢) ، ٩٢٣٤ (ص٤٠٤) ، ٩٤١٣ (ص: ٤١٨) ، ٩٤٢٣ (ص: ٤١٩) ، ٩٥٦١ (ص: ٤٣١) ، ١٠٩٥٨ (ص: ٥٣٨) ، ١٠٩٩٢ (ص: ٥٤١) . ورواه البخاري في الكبير، بالإشارة الموجزة كعادته ٢/١/٤٧٦. وقد جاء في ألفاظ هذا الحديث: "في يد الله"، و"في كف الله"، و"كف الرحمن"، ونحو هذه الألفاظ. فقال الترمذي ٢: ٢٣-٢٤. "وقال غير واحد من أهل العلم، في هذا الحديث، وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، وتزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا - قال: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن بها. ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟ هكذا رُوي عن مالك ابن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، انهم قالوا في هذه الأحاديث: أَمِرُّوها بلا كيفَ. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية، فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه! وقد ذكر الله تبارك وتعالى في غير موضع من كتابه -: اليد، والسمع والبصر. فتأولت الجهمية هذه الآيات، وفَّسروها على غير ما فَّسر أهلُ العلمّ! وقالوا: إن الله لم يَخْلق آدم بيده! وقالوا: إنما معنى اليد القوة!! وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كَيدٍ، أو مِثْل يَدٍ، أو سمع كسَمْعٍ، أو مثلَ سمعٍ. فإذا قال سمع كسمعٍ أو مثل سمع- فهذا تشبيه. وأما إذا قال كما قال الله: يد، وسمع، وبصر. ولا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمعٍ - فهذا لا يكون تشبيهاً. وهو كما قال الله تبارك وتعال: (ليس كَمِثْلهِ شيءٌ وهو السَّميعُ البَصير) ".