للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قبل الإرباء - إليه، إن كان موسرا. (١) وإن كان معسرا، كان منظرا برأس مال صاحبه إلى ميسرته، وكان الفضل على رأس المال مبطلا عنه.

غير أن الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا، وإياهم عنى بها، فإن الحكم الذي حكم الله به: من إنظاره المعسر برأس مال المربي بعد بطول الربا عنه، حكم واجب لكل من كان عليه دين لرجل قد حل عليه، وهو بقضائه معسر: في أنه منظر إلى ميسرته، لأن دين كل ذي دين، في مال غريمه، وعلى غريمه قضاؤه منه - لا في رقبته. فإذا عدم ماله، فلا سبيل له على رقبته بحبس ولا بيع، وذلك أن مال رب الدين لن يخلو من أحد وجوه ثلاثة: إما أن يكون في رقبة غريمه، أو في ذمته يقضيه من ماله، أو في مال له بعينه.

= فإن يكن في مال له بعينه، فمتى بطل ذلك المال وعدم، فقد بطل دين رب المال، وذلك ما لا يقوله أحد.

= ويكون في رقبته، (٢) فإن يكن كذلك، فمتى عدمت نفسه، فقد بطل دين رب الدين، وإن خلف الغريم وفاء بحقه وأضعاف ذلك، وذلك أيضا لا يقوله أحد.

فقد تبين إذا، إذ كان ذلك كذلك، أن دين رب المال في ذمة غريمه يقضيه من ماله، فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته، لأنه قد عدم ما كان عليه أن يؤدي منه حق صاحبه لو كان موجودا، وإذا لم يكن على رقبته سبيل، لم يكن إلى حبسه وهو معدوم بحقه، سبيل. (٣) لأنه غير مانعه حقا، له إلى قضائه سبيل، فيعاقب بمطله إياه بالحبس. (٤)

* * *


(١) سياق العبارة"ويلزمه أداء رأس ماله. . . إليه. . . "، وما بينهما فصل.
(٢) في المطبوعة: "ويكون في رقبته"، والصواب من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "لم يكن إلى حبسه بحقه وهو معدوم سبيل" قدم"بحقه"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب جيد.
(٤) في المطبوعة: "فيعاقب بظلمه إياه. . . "، وفي المخطوطة"فيعاقب بطله إياه. . " وصواب قراءتها ما أثبت. مطله حقه يمطله مطلا، وماطله مطالا: سوفه ودافعه بالعدة والدين. هذا، وأبو جعفر رضي الله عنه، رجل قويم الحجة، أسد اللسان، سديد المنطق، عارف بالمعاني ومنازلها من الرأي، ومساقطها من الصواب. وهذه حجة بينة فاصلة من حججه التي أشرت إليها كثيرا في بعض تعليقي على هذا التفسير الجليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>