للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم، من الشكّ والريْب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوته، وفيما جاء به من عند الله، وأمر البعث، لإساءَتهم إلى أنفسهم بما أتَوْا من ذلك وهم يحسبون أنَّهم إليها يُحْسِنون. وذلك هو عَيْنُ السَّفه، لأن السفيه إنما يُفسد من حيث يرى أنه يُصلحُ، ويُضيع من حيث يَرى أنه يحفظ، فكذلك المنافق: يَعصي رَبَّه من حيث يرى أنه يطيعُه، ويكفرُ به من حيث يرى أنه يُؤمن به، ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يُحسن إليها، كما وصفهم به ربنا جلّ ذكره، فقال: (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) ، وقال: (ألا إنهم هم السفهاء) - دون المؤمنين المصدّقين بالله وبكتابه، وبرسوله وثوابه وعقابه - (ولكن لا يعلمون) . وكذلك كان ابن عباس يتأول هذه الآية.

٣٤٨- حدثنا أبو كُريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عُمارة، عن أبي رَوْق، عن الضحاك، عن ابن عباس يقول الله جل ثناؤه: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ) ، يقول: الجهال، (ولكن لا يعلمون) ، يقول: ولكن لا يعقلون (١) .

وأما وَجْهُ دخول الألف واللام في"السُّفهاء"، فشبيه بوجه دخولهما في"الناس" في قوله: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) ، وقد بيَّنا العلة في دخولهما هنالك، والعلةُ في دخولهما في"السفهاء" نظيرتها في دخولهما في"الناس" هنالك، سواء.

والدلالةُ التي تدل عليه هذه الآية من خطأ قول من زعم أن العقوبةَ من الله لا يستحقّها إلا المعاند ربَّه، بعد علمه بصحة ما عانده فيه - نظيرُ دلالة الآيات الأخَر التي قد تقدم ذكرنا تأويلَها في قوله"ولكن لا يشعرون"، ونظائر ذلك (٢) .

* * *


(١) الخبر ٣٤٨- هو تتمة الخبرين: ٣٤٣، ٣٤٧.
(٢) في المطبوعة: "مع علمه بصحة ما عاند فيه"، وفيها أيضًا: ". . . ونظير ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>