للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مردودًا عليه، كما تقول في الكلام:"إنه ليعجبني أن يسأل السائل فيُعطى"، بمعنى: إنه ليعجبني أن يُعطى السائل إن سأل - أو: إذا سأل. فالذي يعجبك هو الإعطاء دون المسألة. ولكن قوله:"أنْ يسأل" لما تقدم، اتصل بما قبله وهو قوله:"ليعجبني"، ففتح"أنْ" ونصب بها، (١) ثم أتبع ذلك قوله:"يعطى"، فنصبه بنصب قوله:"ليعجبني أن يسأل"، نسقًا عليه، وإن كان في معنى الجزاء. (٢)

* * *

وقرأ ذلك آخرون كذلك، غير أنهم كانوا يقرأونه بتسكين"الذال" من (تُذْكِرَ) وتخفيف كافها. وقارئو ذلك كذلك مختلفون فيما بينهم في تأويل قراءتهم إياه كذلك.

وكان بعضهم يوجّهه إلى أن معناه: فتصيِّر إحداهما الأخرى ذَكرًا باجتماعهما، بمعنى: أن شهادَتها إذا اجتمعت وشهادة صاحبتها، جازت كما تجوز شهادةُ الواحد من الذكور في الدَّين، لأن شهادة كل واحدة منهما منفردةً غيرُ جائزة فيما جازَت فيه من الديون إلا باجتماع اثنتين على شهادة واحد، فتصير شهادتهما حينئذ بمنزلة شهادة واحد من الذكور، (٣) فكأن كل واحدة منهما - في قول متأوِّلي ذلك بهذا المعنى - صيرَّت صاحبتها معها ذَكَرًا. وذهب إلى قول العرب:"لقد أذكرت بفلان أمُّه"، أي ولدته ذَكرًا،"فهي تُذْكِر به"،"وهي امرأةٌ مُذْكِرٌ"، إذا كانت تَلد الذكور من الأولاد. وهذا قول يروى عن سفيان بن عيينه أنه كان يقوله.


(١) في المطبوعة: "فتح أن ونصب بها"، وفي المخطوطة: "ففلح ونصب بها" تصحيف، وبإسقاط"أن".
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ١٨٤.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "منزلة شهادة واحد. . . " بإسقاط الباء، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>