للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول الآخر: (١)

وَلِلهِ قَومِي: أَيُّ قَوْمٍ لِحُرَّةٍ ... إذَا كَانَ يَوْمًا ذَا كَوَاكِبَ أَشْنَعَا! ! (٢)

وإنما تفعل العرب ذلك في النكرات، لما وصفنا من إتباع أخبار النكرات أسماءَها. و"كان" من حكمها أن يكون معها مرفوع ومنصوب، فإذا رفعوهما جميعهما، تذكروا إتباع النكرة خبرَها، وإذا نصبوهما، تذكروا صحبة"كان" لمنصوب ومرفوع. (٣) ووجدوا النكرة يتبعها خبرُها، وأضمروا في"كان" مجهولا لاحتمالها الضمير.

* * *

وقد ظن بعض الناس أن من قرأ ذلك:"إلا أن تَكون تجارةً حاضرةً"، إنما قرأه على معنى: إلا أن يكون تجارة حاضرة، فزعم أنه كان يلزم قارئ ذلك أنْ يقرأ"يكون" بالياء، وأغفل موضعَ صواب قراءته من جهة الإعراب، وألزمه غير ما يلزمه. وذلك أن العربَ إذا جعلوا مع"كان" نكرة مؤنثًا بنعتها أو خبرها، أنَّثوا"كان" مرة، وذكروها أخرى، فقالوا:"إن كانت جارية صغيرة فاشترُوها، وإن كان جاريةً صغيرةً فاشتروها"، تذكر"كان" - وإن نصبت النكرة المنعوتة أو رَفعت - أحيانًا، وتؤنث أحيانًا.

* * *


(١) هو عمرو بن شأس، على الشك في ذلك كما سترى في التعليق التالي.
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ١٨٦، سيبويه ١: ٢٢، وصدره في سيبويه منسوبًا لعمرو بن شأس: "بَني أَسَدٍ هَلْ تَعْلَمُونَ بَلاَءَنا"
وأنا أخشى أن يكون الشعر لغير عمرو بن شأس، ولكني لم أجده، وإن كنت أذكر أني قرأته في أبيات غير شعر عمرو. وقوله: "ذا كواكب"، أي شديد عصيب، قد ظهرت النجوم فيه نهارًا، كأنه أظلم فبدت كواكبه، لأن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب، وإذا كسفت الشمس، ظهرت الكواكب. ويقال: "أمر أشنع وشنيع"، أي فظيع قبيح. وكان في المطبوعة: "بحرة"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة، ومعاني القرآن للفراء. يعني أن أمهم حرة، فولدتهم أحرارًا.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "منصوب ومرفوع" والصواب ما أثبت. وانظر ما قاله الفراء في معاني القرآن ١: ١٨٥-١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>