للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦٤٣١ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم"، والفسوقُ المعصية.

٦٤٣٢ - حدثت عن عمار، قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم"، الفسوق العصيان.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: وإن يضارّ كاتبٌ فيكتبَ غير الذي أملَى المملي، ويضارّ شهيدٌ فيحوِّلَ شهادته ويغيرَها ="فإنه فسوق بكم"، يعني: فإنه كذب.

ذكر من قال ذلك:

٦٤٣٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"وإن تفعلوا فإنه فُسوق بكم"، الفسوق الكذب. قال: هذا فسوق، لأنه كذب الكاتبُ فحوَّل كتابه فكذَب، وكذَب الشاهدُ فحوّل شهادته، فأخبرهم الله أنه كذبٌ.

* * *

قال أبو جعفر: وقد دللنا فيما مضى على أن المعنىّ بقوله:"ولا يضار كاتب ولا شهيد"، إنما معناه: لا يضارّهما المستكتب والمستشهد، بما فيه الكفاية. (١)

فقوله:"وإن تفعلوا" إنما هو إخبارُ من يضارّهما بحكمه فيهما، وأنّ من يضارّهما فقد عصَى ربه وأثم به، (٢) وركب ما لا يحلّ له، وخرج عن طاعة ربه في ذلك.


(١) انظر ما سلف قريبًا في تفسير الآية.
(٢) قوله: ""أثم به". قد سلف في ٤: ٥٣٠ تعليق ٣ ما نصه: "آثما بربه" غير منقوطة، كأنها"بربه" ولكني لم أجد في كتب اللغة"آثم بربه" وإن كنت أخشى أن يكون صوابًا له وجه لم أتحققه" وغيرتها هناك"أثم بريائه"، فقد جاء هذا النص هنا محققًا ما خشيت، فصح أن الصواب هناك"آثمًا بربه"، فقيده هناك، وفي كتب اللغة. ومعنى: "أثم بربه": أي: قدم الإثم إلى ربه بمعصيته، فالباء فيه للغاية، كما في قوله تعالى {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} وكما قال كثير: أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي، لا مَلُومَةً ... لَدَيْنَا، ولا مقلِيَّةً إن تَقَلَّتِ
فهذه هي الحجة الناهضة في صواب التعبير الذي جاء في كلام الطبري، والحمد لله رب العالمين على حسن توفيقه إيانا إلى الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>