للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الآية قبلها: من أمر الله عز وجلّ بالشهود والكتاب". وقد دللنا على أولى ذلك بالصواب من القول فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (١) وقد:-

٦٤٤٣ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"فإن أمِن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته"، إنما يعني بذلك: في السفر، فأما الحضر فلا وهو واجد كاتبًا، فليسَ له أن يرتهن ولا يأمن بعضُهم بعضًا.

* * *

قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله الضحاك = من أنه ليس لرب الدين ائتمانُ المدين وهو واجد إلى الكاتب والكتاب والإشهاد عليه سبيلا وإن كانا في سفر=، فكما قال، لما قد دللنا على صحّته فيما مضى قبل.

وأما ما قاله= من أنّ الأمر في الرّهن أيضًا كذلك، مثل الائتمان: في أنه ليس لربّ الحق الارتهان بماله إذا وجد إلى الكاتب والشهيد سبيلا في حضر أو سفر= فإنه قولٌ لا معنى له، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:-

٦٤٤٤- أنه اشترى طعامًا نَسَاءً، ورهن به درعًا لهُ. (٢)

* * *

فجائز للرجل أن يرهن بما عليه، ويرتهن بمالَهُ من حقّ، في السفر والحضر- لصحة الخبر بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنّ معلومًا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن - حين رَهن من ذكرنا - غير واجد كاتبًا ولا شهيدًا، لأنه لم يكن متعذرًا عليه بمدينته في وقت من الأوقات الكاتبُ والشاهدُ، غير أنهما إذا تبايعا برَهْن، فالواجب عليهما= إذا وجدا سبيلا إلى كاتب وشهيد، أو كان البيع


(١) انظر ما سلف آنفًا: ص ٥٣-٥٥.
(٢) الأثر: ٦٤٤٤- ذكره الطبري بغير إسناد. وقد رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٥: ١٠٠- ١٠٢) ومسلم في صحيحه ١١: ٣٩، ٤٠ من طرق، عن عائشة أم المؤمنين. وسنن البيهقي ٦: ٣٦. يقال نسأت عنه دينه نساء: (بالمد وفتح النون) : أخرته. و"بعته بنسيئة"، أي: بأخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>