للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوَ ما يدري فيم أنزلت؟ إن هذه الآية حين أنزلت غَمَّت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غمًّا شديدًا وقالوا: يا رسول الله، هلكنا! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا:"سمعنا وأطعنا"، فنسختها: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) إلى قوله: (وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) فَتُجُوِّز لهم منْ حديث النفس، وأخِذوا بالأعمال. (١)

٦٤٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم: أن أباه قرأ:"وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله"، فدمعت عينه، فبلغ صَنِيعه ابنَ عباس، فقال: يرحم الله أبا عبد الرحمن! لقد صَنعَ كما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلتْ، فنسختها الآية التي بعدها: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) . (٢)


(١) الحديث: ٦٤٦١- جعفر بن سليمان: هو الضبعي، وقد مضى توثيقه في: ٢٩٠٥.
حميد الأعرج: هو حميد بن قيس المكي، قارئ أهل مكة. مضى توثيقه في: ٣٣٥٢.
والحديث رواه أحمد في المسند: ٣٠٧١، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن حميد الأعرج، به.
فظهر من رواية الطبري هذه: أن عبد الرزاق سمعه من شيخين، من معمر، ومن جعفر بن سليمان - كلاهما حدثه به عن حميد الأعرج.
وقد ذكره ابن كثير ٢: ٨١، عن رواية أحمد في المسند، وكذلك ذكره الحافظ في الفتح ٨: ١٥٤، عن رواية أحمد.
وذكره السيوطي ١: ٣٧٤، وزاد نسبته لعبد الرزاق، وابن المنذر.
وهو في معنى الأحاديث السابقة: ٦٤٥٨-٦٤٦٠.
وقوله: "كنت عند ابن عمر فقال: (وإن تبدوا ما في أنفسكم) . . . " - هكذا في المخطوطة والمطبوعة. ولعل صوابه: "فقرأ"، بدل"فقال". وهو الثابت في رواية المسند ومن نقل عنه.
وقوله في آخر الحديث: "فتجوز لهم من حديث النفس" - هكذا في المخطوطة والمطبوعة أيضًا. ولعل صوابه"عن حديث النفس"، كرواية المسند.
(٢) الحديث: ٦٤٦٢- سفيان بن حسين الواسطي: مضى الكلام في روايته عن الزهري، وأن فيها تخاليط، في ٣٤٧١. ولكن يظهر لي الآن أن في هذا غلوًا من ابن حبان. فإن البخاري ترجم له في الكبير ٢/٢/٩٠، وأشار إلى رواية عن الزهري، فلم يذكر فيها قدحًا، ثم إن الأئمة صححوا هذا الحديث من روايته عن الزهري، كما سيجيء.
فالحديث رواه أبو جعفر بن النحاس في الناسخ والمنسوخ، ص: ٨٦. والحاكم في المستدرك ٢: ٢٨٧ - كلاهما من طريق يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
ثم قد ذكره ابن كثير ٢: ٨٢، عن هذا الموضع - بعد الروايات السابقة، ثم قال: "فهذه طرق صحيحة عن ابن عباس".
وقد رجحت توثيق سفيان بن حسين - وفي روايته عن الزهري - فيما كتبت تعليقًا على تهذيب السنن للمنذري، ج٣ ص: ٤٠٢، فأنسيته حين كتبت ما مضى في: ٣٤٧١.
والحديث ذكره أيضًا السيوطي ١: ٣٧٤، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>