للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلا أَحْصَاهَا) [سورة الكهف: ٤٩] . فأخبر أن كتبهم محصيةٌ عليهم صغائرَ أعمالهم وكبائرَها، فلم تكن الكتب - وإن أحصت صغائرَ الذنوب وكبائرَها - بموجبِ إحصاؤها على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأهل الطاعة له، أن يكونوا بكل ما أحصته الكتب من الذنوب معاقبين. لأن الله عز وجل وَعدهم العفوَ عن الصغائر، باجتنابهم الكبائر فقال في تنزيله: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا) [سورة النساء: ٣١] . فذلك محاسبة الله عبادَه المؤمنين بما هو محاسبهم به من الأمور التي أخفتها أنفسهم، غيرَ موجبٍ لهم منه عقوبة، (١) بل محاسبته إياهم - إن شاء الله - عليها، ليعرّفهم تفضُّله عليهم بعفوه لهم عنها، كما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي:-

٦٤٩٦ - حدثني به أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت أبي، عن قتادة، عن صَفوان بن مُحْرز، عن ابن عمر، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: يُدْني الله عبدَه المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرِّره بسيئاته يقول: هل تعرف؟ فيقول: نعم! فيقول: سترتها في الدنيا وأغفرها اليوم! ثم يظهر له حسناته فيقول: (هَاؤُمُ اقْرَأُوا كِتَابِيَهْ) [سورة الحاقة: ١٩] أو كما قال = وأما الكافر فإنه ينادي به على رؤوس الأشهاد. (٢)

٦٤٩٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، وهشام = وحدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا هشام = قالا جميعا في حديثهما عن


(١) في المطبوعة: "فدل أن محاسبة الله. . . "، وأثبت ما في المخطوطة. وفي المطبوعة والمخطوطة بعد: "غير موجبة لهم منه عقوبة"، والسياق يقتضي: "غير موجب. . " كما أثبتها.
(٢) الحديث: ٦٤٩٦- صفوان بن محرز المازني: تابعي ثقة جليل، له فضل وورع. والحديث مختصر من الذي بعده. وسنذكر تخريجه فيه، إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>