للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحرص على حفظ القرآن بجد منه فيقرأه، ثم ينساه بغير تشاغل منه بغيره عنه، ولكن بعجز بنيته عن حفظه، وقلة احتمال عقله ذكر ما أودع قلبه منه، وما أشبه ذلك من النسيان، فإن ذلك مما لا تجوز مسألة الرب مغفرته، لأنه لا ذنب للعبد فيه فيغفر له باكتسابه.

* * *

وكذلك "الخطأ" وجهان:

= أحدهما: من وجه ما نهي عنه العبد فيأتيه بقصد منه وإرادة، فذلك خطأ منه، وهو به مأخوذ. يقال منه:"خطئ فلان وأخطأ" فيما أتى من الفعل، و"أثم"، إذا أتى ما يأثم فيه وركبه، (١) ومنه قول الشاعر: (٢)

الناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد (٣)

يعني: أخطأوا الصواب = وهذا الوجه الذي يرغب العبد إلى ربه في صفح ما كان منه من إثم عنه، (٤) إلا ما كان من ذلك كفرا.

= والآخر منهما: ما كان عنه على وجه الجهل به، والظن منه بأن له فعله، كالذي يأكل في شهر رمضان ليلا وهو يحسب أن الفجر لم يطلع = أو يؤخر


(١) في المطبوعة: "ما يتأثم فيه"، والصواب من المخطوطة. وانظر معنى"خطئ" فيما سلف ٢: ١١٠.
(٢) هو عبيد بن الأبرص الأسدي، وفي حماسة البحتري، ٢٣٦"عبيد بن منصور الأسدي"، وكأنه تحريف.
(٣) ديوانه: ٥٤، وحماسة البحتري ٢٣٦ واللسان (أمر) ورواية ديوانه: والناس يلحون الأمير إذا غوى ... خطب الصواب. . . . . . . .
أما رواية اللسان، فهي كما جاءت في الطبري. ولحاه يلحاه: لامه وقرعه. والأمير: صاحب الأمر فيهم، يأمرهم فيطيعونه. والمرشد (اسم مفعول بفتح الشين) : من هداه الله إلى الصواب. وهو شبيه بقول القطامي: والناس من يلق خيرا قائلون له ... ما يشتهى، ولأم المخطئ الهبل
(٤) استعمل أبو جعفر"الصفح" هنا بمعنى: الرد والصرف، ولو كان من قولهم"صفح عن ذنبه" لكان صواب العبارة"في صفحه عما كان منه من إثم". واستعمال أبي جعفر جيد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>