للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:"يَمُدُّهُمْ"، يملي لهم.

وقال آخرون بما-:

٣٦٥- حدثني به المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا سُوَيْد بن نصر، عن ابن المبارك، عن ابن جريج قراءةً عن مجاهد:"يمدّهم"، قال: يزيدُهم (١) .

وكان بعضُ نحوييّ البصرة يتأوَّل ذلك أنه بمعنى: يَمُدُّ لَهُم، ويزعم أن ذلك نظيرُ قول العرب: الغلامُ يلعَب الكِعَابَ، يراد به يَلعب بالكعاب. قال: وذلك أنهم قد يقولون:"قد مَددت له وأمددتُ له" في غير هذا المعنى، وهو قول الله تعالى ذكره: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ) [سورة الطور: ٢٢] ، وهذا من:"مددناهم" (٢) . قال: ويقال: قد"مَدَّ البحر فهو مادٌّ" و"أَمَدَّ الجرح فهو مُمِدّ". وحكي عن يونس الجَرْمِيّ أنه كان يقول: ما كان من الشر فهو"مدَدْت"، وما كان من الخير فهو"أمْدَدت". ثم قال: وهو كما فسرت لك، إذا أردت أنك تركته فهو"مَدَدت له"، وإذا أردت أنك أعطيته قلت:"أمْددت".

وأما بعضُ نحويي الكوفة فإنه كان يقول: كل زيادة حدثت في الشيء من نفسه فهو"مَدَدت" بغير ألف، كما تقول:"مدَّ النهر، ومدَّه نهرٌ آخر غيره"، إذا اتصل به فصار منه، وكلّ زيادة أحدِثتْ في الشيء من غيره فهو بألف، كقولك:"أمدَّ الجرحُ"، لأن المدّة من غير الجرح، وأمدَدتُ الجيش بمَدَدٍ.

وأولى هذه الأقوال بالصواب في قوله: "وَيَمُدُّهُمْ": أن يكون بمعنى يزيدهم، على وجه الإملاء والترك لهم في عُتوِّهم وتمردهم، كما وصف ربُّنا أنه فعل بنظرائهم في قوله


(١) الخبران ٣٦٤، ٣٦٥- ساقهما ابن كثير ١: ٣١، والسيوطي ١: ٣١، والشوكاني ١: ٣٣.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وهذا من أمددناهم"، ولعل الصواب ما أثبتناه. وعنى أن قوله تعالى (ويمدهم في طغيانهم) من"مددت له" التي هي مثل"أمددت له"، بعد طرح حرف الجر، كما مثل في قول العرب"الغلام يلعب الكعاب" أي"يلعب بالكعاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>