للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّهَا ... تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا (١)

وأصلهُ من:"آل الشيء إلى كذا" - إذا صار إليه ورجع"يَؤُول أوْلا" و"أوَّلته أنا" صيرته إليه. وقد قيل إنّ قوله: (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) [سورة النساء: ٥٩ \ سورة الإسراء: ٣٥] أي جزاءً. وذلك أن"الجزاء" هو الذي آل إليه أمر القوم وصار إليه.

ويعني بقوله:"تأوّلُ حُبها": تفسير حبها ومرجعه. (٢) وإنما يريد بذلك أنّ حبها كان صغيرًا في قلبه، فآلَ من الصّغر إلى العظم، فلم يزل ينبت حتى أصحَب، فصار قديمًا، كالسَّقب الصغير الذي لم يزل يَشبّ حتى أصحَبَ فصار كبيرًا مثل أمه. (٣)


(١) ديوانه: ٨٨، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٨٦ الصاحبي: ١٦٤، اللسان (صحب) (ربع) (أول) (ولى) ، ثم ما سيأتي بعد قليل من ذكر رواية أخرى، لم أجدها في غيره بعد.
أما الرواية الأخرى التي جاءت في اللسان (ربع) ، (ولى) فهي: عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَوًى أَجْنَبِيَّةً ... تَوَالِىَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا
الربعي: الذي ولد في أول النتاج. والسقاب جمع سقب (بفتح فسكون) : وولد الناقة ساعة تضعها يقال له"سليل" قبل أن يعرف أذكر هو أم أنثى، فإذا علم أنه ذكر فهو"سقب". وأصحب: ذل وانقاد وأطاع. وهذا البيت بهذه الرواية التي ذكرتها هنا، قد فسرها الأزهري وقال: "هكذا سمعت العرب تنشده. وفسروا"توالي ربعى السقاب" أنه من الموالاة: وهو تمييز شيء من شيء. يقال: "والينا الفصلان عن أمهاتها فتوالت"، أي فصلناها عنها عند تمام الحول، وتشتد عليها الموالاة، ويكثر حنينها في إثر أمهاتها، ويتخذ لها خندق تحبس فيه وتسرح الأمهات في وجه من مراتعها. فإذا تباعدت عن أولادها سرحت الأولاد في جهة غير جهة الأمهات، فترعى وحدها، فتستمر على ذلك وتصحب بعد أيام. أخبر الأعشى أن نوى صاحبته اشتدت عليه، فحن إليها حنين ربعى السقاب إذا وولى (فصل) عن أمه. وأخبر أن هذا الفصيل يستمر على الموالاة، وأنه يصحب إصحاب السقب. قال الأزهري: وإنما فسرت هذا البيت، لأن الرواة لما أشكل عليهم معناه، تخبطوا في استخراجه وخلطوا، ولم يعرفوا منه ما يعرفه من شاهد القوم في باديتهم".
أما الرواية الأولى، فقد شرحها أبو جعفر فيما يلي، وأما روايته الثانية، وهي قوله: "توابع حبها"، فإني لم أدر ما معناها، وأخشى أن يكون صوابها: "نزائع حبها". والنزائع جمع نزيعة، يقال: ناقة نازع من نوق نوازع. وناقة نزيعة: وهي التي تحن إلى وطنها. نزع البعير إلى وطنه: حن واشتاق.
(٢) في المخطوطة: "وتفسير حبها ... " بزيادة الواو، وهو خطأ. وهذا نص أبي عبيدة في مجاز القرآن ١: ٨٧، على خطأ فيه، إذ ظن الناشر أن قوله: "تفسيره"، بمعنى الشرح والبيان لهذه الكلمة فوضع بعد نقطتان هكذا: "تفسيره: ومرجعه" وعندئذ فلا معنى للواو في"ومرجعه"، والصواب ما أثبتناه.
(٣) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>