للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) [سورة فصلت: ٤٦] . ولا وجه لمسألته أن يكون بالصفة التي قد أخبرهم أنه بها. وفي فساد ما قالوا من ذلك، الدليلُ الواضح على أن عدلا من الله عز وجل: إزاغةُ من أزاغَ قلبه من عباده عن طاعته، فلذلك استحقّ المدحَ مَنْ رغب إليه في أن لا يزيغه، لتوجيهه الرغبة إلى أهلها، ووضعه مسألته موضعها، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برغبته إلى ربه في ذلك، مع محله منه وكرامته عليه.

٦٦٥٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك! ثم قرأ:"ربنا لا تُزغ قُلوبنا بعدَ إذ هديتنا"، إلى آخر الآية. (١)

٦٦٥١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أسماء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (٢)


(١) الحديث: ٦٦٥٠- هذا إسناد صحيح.
عبد الحميد بن بهرام: ثقة، مضت ترجمته في: ١٦٠٥. وشهر بن حوشب: ثقة أيضًا، كما قلنا في: ١٤٨٩.
وهذا الحديث مختصر. وسيأتي مطولا في: ٦٦٥٢، ونخرجه هناك، إن شاء الله. ويأتي بأطول من هذا ومختصرًا عن ذاك، في: ٦٦٥٨.
(٢) الحديث: ٦٦٥١ - وهذا إسناد صحيح أيضًا. ولكنه هنا من رواية شهر عن أسماء، وهي بنت يزيد بن السكن الأنصارية. والذي قبله من رواية شهر عن أم سلمة أم المؤمنين.
ولم أجده من حديث أسماء إلا في هذه الرواية عند الطبري، وإلا رواية ذكرها ابن كثير، عن ابن مردويه.
قال ابن كثير ٢: ١٠٢ بعد ذكر رواية أم سلمة الماضية: "ورواه ابن مردويه، من طريق محمد بن بكار، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة، عن أسماء بنت يزيد بن السكن، سمعتها تحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من دعائه ... " - فذكر نحو الرواية التالية لهذا الحديث.
ثم قال ابن كثير: "وهكذا رواه ابن جرير، من حديث أسد بن موسى، عن عبد الحميد بن بهرام، به، مثله".
ثم قال: "ورواه أيضًا عن المثنى، عن الحجاج بن منهال، عن عبد الحميد بن بهرام، به، مثله".
ومن البين الواضح أن قوله في رواية ابن مردويه"عن أم سلمة، عن أسماء بنت يزيد بن السكن" - خطأ لا شك فيه. والظاهر أنه خطأ من الناسخين، في زيادة حرف"عن". وأن صوابه"عن أم سلمة أسماء ... ".
و"أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية": صحابية معروفة، وهي بنت عم معاذ بن جبل، وكنيتها"أم سلمة". وشهر بن حوشب معروف بالرواية عنها، بل قال ابن السكن: "هو أروى الناس عنها". وكان من مواليها.
ولم نسمع قط أن"أم سلمة أم المؤمين" روت عن أسماء هذه، ولا روت عن غيرها من الصحابة.
وأما إشارة ابن كثير إلى روايتي الطبري من حديث"أسد بن موسى" و"الحجاج بن منهال" - عن عبد الحميد بن بهرام - وهما الروايتان الآتيتان: ٦٦٥٢، ٦٦٥٨ -: فهي مشكلة، إذ توهم أنها مثل رواية ابن مردويه: "عن أم سلمة أسماء بنت يزيد".
ولعل ابن كثير ذهب إلى هذا، ظنًا منه أن هذه الروايات التي في الطبري: ٦٦٥٠، ٦٦٥٢، ٦٦٥٨، التي فيها"عن أم سلمة" مراد بها"أم سلمة أسماء بنت يزيد".
فإن يكن هذا ظنه يكن أخطأ الظن. فإن"أم سلمة" في هذه الروايات الثلاث - هي أم المؤمنين يقينًا، كما سيأتي في تخريج الحديث التالي لهذا: ٦٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>