للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: فكل هؤلاء الذين ذكرنا مخالفون القولَ الذي رويناه عن ابن عباس في عدد المشركين يوم بدر. فإذْ كان ما قاله من حكينا قوله - ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمئة -[صحيحًا] ، (١) فالتأويل الأول الذي قلناه على الرواية التي روينا عن ابن مسعود، أولى بتأويل الآية.

* * *

وقال آخرون: كان عددُ المشركين زائدًا على التسعمئة، فرأى المسلمون عدَدَهم على غير ما كانوا به من العدد. وقالوا: أرى اللهُ المسلمين عددَ المشركين قليلا آية للمسلمين. قالوا: وإنما عنى الله عز وجل بقوله:"يرونهم مثليهم"، المخاطبين بقوله:"قد كان لكم آية في فئتين". قالوا: وهم اليهود، غيرَ أنه رجع من المخاطبة إلى الخبر عن الغائب، لأنه أمرٌ من الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك لهم، فحسن أن يخاطب مرة، ويخبرَ عنهم على وجه الخبر مرّة أخرى، كما قال: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) (٢) [سورة يونس: ٢٢]

وقالوا: فإن قال لنا قائل: فكيف قيل:"يرونهم مثليهم رأي العين"، وقد علمتم أن المشركين كانوا يومئذ ثلاثة أمثال المسلمين؟

قلنا لهم: كما يقول القائل وعنده عبد:"أحتاج إلى مثله"، فأنت محتاج إليه وإلى مثله، (٣) ثم يقول:"أحتاج إلى مثليه"، فيكون ذلك خبرًا عن حاجته إلى مثله، وإلى مثلَيْ ذلك المثل. (٤) وكما يقول الرجل:"معي ألفٌ وأحتاج


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "فإذا كان ما قاله من حكيناه ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمئة فالتأويل الأول ... "، وهي عبارة غير مستقيمة، وسهو من الناسخ كثير، فرجحت أن صوابها: "حكينا قوله" في الموضع الأول، وزيادة"صحيحًا" في آخر الجملة كما وضعتها بين القوسين.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ١٩٥.
(٣) في المطبوعة: "أنا محتاج إليه وإلى مثله"، وهو إفساد. والصواب من المخطوطة ومعاني القرآن للفراء ١: ١٩٤.
(٤) عبارة الفراء أوضح وهي: "فأنت إلى ثلاثة محتاج".

<<  <  ج: ص:  >  >>