للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عز وجل: (وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) [سورة النحل: ١٠] ، بمعنى: ترعَوْن، ومنه قول الأخطل:

مِثْلَ ابْنِ بَزْعَةَ أَوْ كآخَرَ مِثْلِهِ، ... أَوْلَى لَكَ ابْنَ مُسِيمَةِ الأجْمَالِ! (١)

يعني بذلك: راعية الأجمال. فإذا أريد أنّ الماشية هي التي رعت، قيل:"سامت الماشية تسوم سومًا"، ولذلك قيل:"إبل سائمة"، بمعنى: راعية، غير أنه غير مستفيض في كلامهم:"سوَّمتُ الماشيةَ"، بمعنى أرعيتها، وإنما يقال إذا أريد ذلك:"أسمتها".

* * *


(١) ديوانه: ١٥٩، والأغاني ٨: ٣١٩، وطبقات فحول الشعراء: ٤١٨، وسيأتي في التفسير ١٤: ٦٠ (بولاق) ، وهو من قصيدته التي رفع فيها ذكر عكرمة بن ربعي الفياض، كاتب بشر بن مروان. وذلك أن الأخطل أتى حوشب بن رويم الشيباني فقال: إني تحملت حمالتين لأحقن بهما دماء قومي! فنهره. فأتى شداد بن البزيعة، (هو شداد بن المنذر الذهلي، أخو الحضين بن المنذر صاحب راية علي يوم صفين) ، فسأله، فاعتذر إليه شداد. فأتى عكرمة الفياض فأخبره بما قال له الرجلان، فقال: أما إني لا أنهرك ولا أعتذر إليك، ولكني أعطيك إحداهما عينًا، والأخرى عرضًا. فأشاد به الأخطل وهجا الرجلين فقال: وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَى رَبِيعَةَ كلَّها ... وكَفَيْتَ كُلَّ مُواِكلٍ خَذّالِ
كَزْمِ اليَدَيْنِ عَنِ العَطِيَّةِ مُمْسِكٍ ... لَيْسَتْ تَبِضُّ صَفَاتُهُ ببِلالِ
كابنِ البَزِيَعةِ، أو كآخَرَ مِثْلِه، ... أَوْلَى لك ابْنَ مُسِيَمةِ الأَجْمَالِ!
إِنَّ اللَّئِيمَ إذَا سَأَلْتَ بَهَرْتَهُ ... وترَى الكَرِيمَ يَرَاحُ كالمُخْتَالِ
وفي المخطوطة: "أولى ابن مسيمة ... "، خطأ."وابن البزيعة"، هو"ابن بزعة" في رواية الطبري هنا. والبزيعة (على وزن كريمة) أم شداد بن المنذر. وقد ضبطتها في طبقات فحول الشعراء بالتصغير، اتباعًا لما في تاريخ الطبري مضبوطًا بالقلم. ولكني هنا أستدرك هذا، وأرجح أني كما ضبطته هنا: "البزيعة": الجارية الظريفة المليحة الذكية القلب. وقد ذكر شداد بن بزيعة عند زياد بن أبي سفيان في الشهود وهو (زياد بن سمية، وابن أبيه) فلما قيل: "ابن بزيعة" قال: ما لهذا أب ينسب إليه؟ ألقوا هذا من الشهود". فقيل له: إنه أخو حضين بن المنذر! قال: فانسبوه إلى أبيه. فبلغ ذلك شدادًا فقال: ويل علي ابن الزانية! أو ليست أمه أعرف منه بأبيه؟ والله ما ينسب إلا إلى أمه سمية!! (تاريخ الطبري ٦: ١٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>