للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا قرأت قرأة أهل الإسلام بفتح الألف من"أنه"، على ما ذكرت من إعمال"شهد" في"أنه" الأولى، وكسر الألف من"إن" الثانية وابتدائها. (١) سوى أنّ بعض المتأخرين من أهل العربية، (٢) كان يقرأ ذلك جميعًا بفتح ألفيهما، بمعنى: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وأنّ الدين عند الله الإسلام - فعطف بـ"أن الدين" على"أنه" الأولى، ثم حذف"واو" العطف، وهى مرادة في الكلام. واحتج في ذلك بأن ابن عباس قرأ ذلك: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ) الآية. ثم قال:"أنّ الدين"، بكسر"إنّ" الأولى، وفتح"أنّ" الثانية بإعمال"شهد" فيها، وجعل"أن" الأولى اعتراضًا في الكلام غير عامل فيها"شَهد" = وأن ابن مسعود قرأ:"شهد الله أنه لا إله إلا هو" بفتح"أن" وكسر"إنّ" من:"إنّ الدّين عند الله الإسلام" = على معنى إعمال"الشهادة" في"أن" الأولى، و"أن" الثانية مبتدأة. فزعم أنه أراد بقراءته إياهما بالفتح، جمع قراءة ابن عباس وابن مسعود. (٣) فخالف بقراءته ما قرأ من ذلك على ما وصفت، جميعَ قرأة أهل الإسلام المتقدّمين منهم والمتأخرين، بدعوى تأويلٍ على ابن عباس وابن مسعود، زعم أنهما قالاه وقرآ به. وغيرُ معلوم ما ادّعى عليهما برواية صحيحة ولا سقيمة. وكفى شاهدًا على خطأ قراءته، خروجها من قراءة أهل الإسلام.

* * *

قال أبو جعفر: فالصواب إذ كان الأمر على ما وصفنا من قراءة ذلك - فتحُ الألف من"أنه" الأولى، وكسر الألف من"إنّ" الثانية، أعني من قوله:


(١) يعني، في قوله في صدر الآية التالية: "إن الدين عند الله الإسلام".
(٢) هو الكسائي، انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٠٠ وتفسير القرطبي ٤: ٤٢، ٤٣.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ١٩٩-٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>