للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنازعوا فيه، ثم دعوا إلى حكم التوراة فيه فامتنعوا من الإجابة إليه، كان أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم وأمرَ نبوته = ويجوز أن يكون ذلك كان أمرَ إبراهيم خليل الرّحمن ودينه = ويجوز أن يكون ذلك ما دُعوا إليه من أمر الإسلام والإقرار به = ويجوز أن يكون ذلك كان في حدّ. فَإن كل ذلك مما قد كانوا نازعوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم فيه إلى حكم التوراة، فأبى الإجابة فيه وكتمه بعضهم.

ولا دلالة في الآية على أيّ ذلك كان من أيٍّ، (١) فيجوز أن يقال: هو هذا دون هذا. ولا حاجة بنا إلى معرفة ذلك، لأن المعنى الذي دُعوا إلى حكمه، (٢) هو مما كان فرضًا عليهم الإجابة إليه في دينهم، فامتنعوا منه، فأخبر الله جل ثناؤه عنهم بردّتهم، وتكذيبهم بما في كتابهم، وجحودهم ما قد أخذ عليهم عهودَهم ومواثيقهم بإقامته والعمل به. فلن يعدُوا أن يكونوا في تكذيبهم محمدًا وما جاء به من الحق، مثلهم في تكذيبهم موسى وما جاء به وهم يتولونه ويقرّون به.

* * *

ومعنى قوله:"ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون"، (٣) ثم يستدبر عن كتاب الله الذي دعا إلى حكمه، معرضًا عنه منصرفًا، وهو بحقيقته وحجته عالم. (٤)

* * *


(١) في المطبوعة: "ولا دلالة في الآية على أن ذلك كان ممن أبى"، وهو كلام بلا معنى. وفي المخطوطة: "على أن ذلك كان من أبى"، وهو مثله، والصواب ما أثبت. والمعنى: ولا دلالة في الآية على تعيين أحد هذه الأسباب، وأيها هو الذي كان. وهذا تعبير قد سلف مرارًا في كلام الطبري، انظر ١: ٥٢٠"ولو كان في العلم بأي ذلك من أي رضًا، لم يخل عباده من نصب دلالة عليها ... " و ٢: ٥١٧"إذ لم يكن في الآية دلالة على أي من أي ... " و ٣: ٦٤"ولا علم عندنا بأي ذلك كان من أي".
(٢) في المطبوعة: "الذي دعوا إليه جملته"، وهو كلام لا معنى له. وفي المخطوطة: "الذي دعوا إلى حمله" غير منقوطة، والصواب ما أثبت، لأن الآية دالة عليه، وذلك قوله تعالى: "يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم" ولأن السياق يقتضي ما أثبت. وسيأتي، بعد، س: ١٣ ما يدل على صواب ذلك أيضًا.
(٣) انظر معنى"التولي" فيما سلف ص: ١٤٤ تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٤) انظر معنى"الإعراض" فيما سلف ٢: ٢٩٨، ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>