للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتأويل الكلام: يوم تَجد كل نفس الذي عملت من خير محضرًا، والذي عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا

* * *

"والأمد" الغاية التي ينتهي إليها، ومنه قول الطرماح:

كُلُّ حَيٍّ مُسْتَكْمِلٌ عِدَّةَ الـ ... عُمْرِ، ومُودٍ إِذَا انْقَضَى أَمَدُهْ (١)

يعني: غاية أجله. وقد:-

٦٨٤١ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وما عملت من سوء تودُّ لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا"، مكانًا بعيدًا.

٦٨٤٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"أمدًا بعيدًا"، قال: أجلا.

٦٨٤٣ - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا


(١) ديوانه: ١١٢، وهذه رواية الطبري، وكان يروي ديوان الطرماح، وقرأه بالمسجد الجامع بمصر، وأملاه على الناس، وشرح غريبة. ولا أدري أأخطأ أم عنده رواية أخرى غير التي وصلتنا، فالشعر في ديوانه كما يلي: بعد أن ذكر دار صاحبته، وما بقي بها من النؤى والرماد: تَرَكَ الدَّهْرُ أهلَهُ شُعَبًا ... فَاسْتمَرَّتْ مِنْ دُونِهِمْ عُقَدُهْ
وَكذَاكَ الزَّمَانُ يَطْرُدُ بالنَّاسِ ... إلى اليَوْمِ، يَوْمُهُ وغَدُهْ
لاَ يُلِيثَانِ بِاخْتِلاَفِهِمَا المَرْءَ، ... وَإنْ طَالَ فِيهِمَا أَمَدُهْ
كُلُّ حَيٍّ مُستَكْمِلٌ عِدَّةَ العُمْرِ، ... وَمُودٍ إذَا انْقَضَى عَدَدُهْ
وقوله: "شعبًا"، أي متفرقون، واستمرت: اشتدت وأحكمت عقدة حبال الدهر، فلم يعد له أمل في اجتماع أحبابه بعد الفراق. وقوله: "لا يليثان"، من ألاثه يليثه: أخره، وهو من"اللوث"، وهو البطء والتأخير. يقول: إن اختلاف الأيام من يوم وغد، لا يؤخران أجل المرء وإن طال عمره، حتى يفنياه ويذهبا به. وقوله: "مود" أي: هالك، إذا انقضى عدد أيامه وأكله في هذه الحياة الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>