للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما روي عن معاذ الكوفي من الفرق بين معنى التخفيف والتشديد في ذلك، فلم نجدْ أهل العلم بكلام العرب يعرفونه من وجه صحيح، فلا معنى لما حُكي من ذلك عنه، وقد قال جرير بن عطية:

يَا بِشْرُ حُقَّ لِوَجْهِكَ التَّبْشِيرُ ... هَلا غَضِبْتَ لَنَا? وَأَنْتَ أَمِيرُ! (١)

فقد علم أنه أراد بقوله"التبشير"، الجمال والنضارة والسرور، فقال"التبشير" ولم يقل"البشر"، فقد بيَّن ذلك أن معنى التخفيف والتثقيل في ذلك واحدٌ.

* * *

٦٩٤٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله:"إن الله يبشرك بيحيى"، قال: بشرته الملائكة بذلك.

* * *

وأما قوله:"بيحيى"، فإنه اسم، أصله"يفعل"، من قول القائل:"حيي فلانٌ فهو يحيَى"، وذلك إذا عاش."فيحيى""يفعل" من قولهم"حيي".

وقيل: إن الله جل ثناؤه سماه بذلك، لأنه يتأوّل اسمه: أحياه بالإيمان.

ذكر من قال ذلك:

٦٩٤٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"أنّ الله يبشرُك بيحيى"، يقول: عبدٌ أحياه الله بالإيمان.

٦٩٥٠- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي


(١) ديوانه: ٣٠١، وطبقات فحول الشعراء: ٣٧٨، وغيرها. من قصيدته التي قالها لبشر بن مروان، وكان قدم معه العراق، سراقة البارقي، وكان بشر يغري بين الشعراء، فحمل سراقة على جرير حتى هجاه. فترك جرير بشرًا، بل مدحه، وأخذ بمجامع سراقة يخنقه حتى فضحه. وعاتب بشرًا عتاب من يظهر الجهل بأمر بشر، وهو يعلمه. وهذا البيت دال على ذلك.
كان في المطبوعة: "حق لبشرك التبشير"، وهو من سهو الناشر، كما سلف من سهوه، والصواب في المخطوطة وسائر المراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>