للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثقيلة خففت. ولكن لم يكن ذلك جائزًا، لما وصفت من أن ذلك بالمعنى الآخر.

* * *

وأما"الرّمز"، فإنّ الأغلب من معانيه عند العرب: الإيماءُ بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين أحيانًا، وذلك غير كثير فيهم. وقد يقال للخفي من الكلام الذي هو مثلُ الهمس بخفض الصّوت:"الرمز"، ومنه قول جُؤيّة بن عائذ: (١)

وَكَانَ تَكَلُّمُ الأبْطَالِ رَمْزًا ... وَهَمْهَمَةً لَهُمْ مِثْلَ الهَدِيرِ (٢)

يقال منه:"رَمز فلان فهو يَرْمِزُ ويرمُز رَمزًا = ويترمَّزُ ترمُّزًا"، ويقال:"ضربه ضربةً فارتمز منها"، أي اضطرب للموت، قال الشاعر: (٣)

خَرَرْتُ مِنْهَا لِقِفَايَ أَرْتَمِزْ (٤)

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عنى الله عز وجل به في إخباره عن زكريا من قوله:"آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا"، وأيّ معاني"الرمز" عني بذلك؟

فقال بعضهم: عني بذلك: آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا تحريكًا بالشفتين، من غير أن ترمز بلسانك الكلام.

ذكر من قال ذلك:


(١) في المطبوعة: "حوبة بن عابد"، وهو لا معنى له في الصواب ولا في الخطأ. وهو في المخطوطة بهذا الرسم غير منقوط. والصواب ما أثبت.
وهو جؤبة بن عائذ النصري، فيما روى ابن السكيت في تهذيب الألفاظ: ١٢٥. أما الآمدي في المؤتلف والمختلف: ٨٣، فقد سماه: "عائذ بن جؤية بن أسيد بن جرار بن عبد بن عاثرة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن"، وذكره أيضًا البغدادي في الخزانة ١: ٤٧٦. والعجب لبعض من يعلق على تفسير الطبري أن يزعم كالقاطع الجازم أنه"جؤية بن عائذ الكوفي النحوي"!!
(٢) لم أجد البيت فيما بين يدي من الكتب، ولكني أذكره. وكان في المطبوعة: "وكان يكلم" والصواب ما أثبت.
(٣) لم أعرف هذا الراجز.
(٤) اللسان (رمز) .

<<  <  ج: ص:  >  >>