للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجهُ الآخر: على نية التكرير من"أولئك"، فيكون المعني حينئذ: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، أولئك صُمٌّ بكم عمي فهم لا يرجعون.

وأمَّا أحد وَجهي النصب: فأن يكون قَطعًا مما في"مهتدين" من ذكر"أولئك" (١) ، لأن الذي فيه من ذكرهم معرفة، والصم نكرة.

والآخر: أن يكون قطعا من"الذين"، لأن"الذين" معرفة و"الصم" نكرة (٢) .

وقد يجوز النصبُ فيه أيضًا على وجه الذم، فيكون ذلك وجهًا من النصب ثالثًا.

فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غير وَجه رواية علي بن أبي طلحة عنه، فإنه لا يجوز فيه الرفع إلا من وجه واحد، وهو الاستئناف.

وأما النصب فقد يجوز فيه من وجهين: أحدهما: الذم، والآخرُ: القطع من"الهاء والميم" اللتين في"تركهم"، أو من ذكرهم في"لا يبصرون".

وقد بيّنا القولَ الذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك. والقراءةُ التي هي القراءةُ، الرفعُ دُون النصب (٣) . لأنه ليس لأحد خلافُ رسوم مَصَاحف المسلمين. وإذا قُرئ نصبًا كانتْ قراءةً مخالفة رسم مصاحفهم.

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن المنافقين: أنهم باشترائهم الضلالة بالهدى لم يكونوا للهدى والحقّ مهتدين، بل هم صُمٌّ عنهما فلا يسمعونهما، لغلبة خِذلان الله عليهم، بُكمٌ عن القيل بهما فلا ينطقون بهما - والبُكم: الخُرْسُ، وهو جِماعُ أبكم - عُميٌ عن أن يبصرُوهما فيعقلوهما، لأن الله قد طبع على قلوبهم بنفاقهم فلا يهتدون.

وبمثل ما قلنا في ذلك قال علماء أهل التأويل:

٣٩٨- حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق،


(١) قطعا: أي حالا، وانظر ما سلف: ٢٣٠ تعليق: ٤.
(٢) قطعا: أي حالا، وانظر ما سلف: ٢٣٠ تعليق: ٤.
(٣) في المطبوعة: "والقراءة التي هي قراءة الرفع. . "، وهو خطأ محض.

<<  <  ج: ص:  >  >>