للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنكم أكرمُ على الله بما فضلكم به عليهم. فيكون الكلام كله خبرًا عن قول الطائفة التي قال الله عز وجل:"وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار" سوى قوله:"قلُ إن الهدى هدى الله". ثم يكون الكلامُ مبتدأ بتكذيبهم في قولهم:"قل"، يا محمد، للقائلين ما قولوا من الطائفة التي وصفتُ لك قولها لتُبَّاعها من اليهود = (١) "إن الهدى هدى الله"، إن التوفيق توفيقُ الله والبيانَ بيانُه، (٢) "وإن الفضل بيده يؤتيه من يشاء" لا ما تمنيتموه أنتم يا معشر اليهود.

وإنما اخترنا ذلك من سائر الأقوال التي ذكرناها، (٣) لأنه أصحها معنًى، وأحسنُها استقامةً، على معنى كلام العرب، وأشدُّها اتساقًا على نظم الكلام وسياقه. وما عدا ذلك من القول، فانتزاع يبعُد من الصحة، على استكراه شديدٍ للكلام.

* * *

القول في تأويل قوله: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِمٌ (٧٣) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"قل" يا محمد، لهؤلاء اليهود الذين وصفتُ قولهم لأوليائهم ="إنّ الفضل بيد الله"، إنّ التوفيق للإيمان والهدايةَ للإسلام، (٤) بيد الله وإليه، دونكم ودون سائر خلقه ="يؤتيه من يشاء" من


(١) التباع جمع تابع، مثل: "جاهل وجهال".
(٢) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف ١: ١٦٦-١٧٠، ٢٣٠، ٢٤٩، ٥٤٩-٥٥١ / ٣: ١٠١، ١٤٠، ١٤١، ٢٢٣ / ٤: ٢٨٣.
(٣) من ذكر الطبري اختياره، تبين بلا ريب أن في صدر الكلام سقطًا، كما أسلف في ص: ٥١٥، تعليق: ١، ولعل الزيادة التي أسلفتها، قد نزلت منزلها من الصواب إن شاء الله.
(٤) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف ٢: ٣٣٤ / ٥: ٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>