للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأمانته ما دمت قائمًا على رأسه، فإذا قمتَ ثم جئت تطلبهُ كافرك = (١) الذي يؤدِّي، والذي يجحد. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال:"معنى ذلك: إلا ما دمت عليه قائمًا بالمطالبة والاقتضاء". من قولهم:"قام فلان بحقي على فلان حتى استخرجه لي"، أي عمل في تخليصه، وسَعى في استخراجه منه حتى استخرجه. لأن الله عز وجل إنما وصفهم باستحلالهم أموال الأميين، وأنّ منهم من لا يقضي ما عليه إلا بالاقتضاء الشديد والمطالبة. وليس القيام على رأس الذي عليه الدين، بموجب له النقلة عما هو عليه من استحلال ما هو له مستحلّ، ولكن قد يكون - مع استحلاله الذهابَ بما عليه لربّ الحقّ - إلى استخراجه السبيلُ بالاقتضاء والمحاكمة والمخاصمة. (٣) فذلك الاقتضاء، هو قيام ربِّ المال باستخراج حقه ممن هو عليه.

* * *

القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ}

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أنّ من استحلّ الخيانةَ من اليهود، وجحودَ حقوق العربيّ التي هي له عليه، فلم يؤدّ ما ائتمنه العربيُّ عليه إلا ما دامَ له متقاضيًا مطالبًا = من أجل أنه يقول: لا حرَج علينا فيما أصبنا من أموال العرب


(١) كافره حقه: جحده حقه.
(٢) قوله: "الذي يؤدي، والذي يجحد" بيان عن ذكر الفريقين اللذين ذكرا في الآية، أي: هذا الذي يؤدي، وهذا الذي يجحد.
(٣) سياق العبارة: "قد يكون ... إلى استخراجه السبيل بالاقتضاء ... "، وما بينهما فصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>