للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قال جل ثناؤه فيه: إن أول بيت مباركٍ وهُدًى وُضع للناس، للذي ببكة. ومعنى ذلك:"إن أول بيت وضع للناس"، أي: لعبادة الله فيه ="مباركًا وهدًى"، يعني بذلك: ومآبًا لنُسْك الناسكين وطواف الطائفين، تعظيما لله وإجلالا له ="للذي ببكة" = لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ما:-

٧٤٣٤- حدثنا به محمد بن المثني قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال، قلت: يا رسول الله، أيُّ مسجد وضع أوّل؟ قال:"المسجد الحرام. قال: ثم أيٌّ؟ قال: المسجد الأقصى. قال: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. (١)

* * *

فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ المسجد الحرام هو أوّل مسجد وضعه الله في الأرض، على ما قلنا. فأما في موضعه بيتًا، بغير معنى بيت للعبادة والهدى والبركة، (٢) ففيه من الاختلاف ما قد ذكرت بعضَه في هذا الموضع، وبعضه في سورة البقرة وغيرها من سُور القرآن، وبينت الصواب من القول عندنا في ذلك بما أغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (٣)

* * *


(١) الحديث: ٧٤٣٤- سليمان: هو الأعمش. إبراهيم التيمي: هو إبراهيم بن يزيد بن شريك. مضى هو وأبوه في: ٢٩٩٨.
والحديث رواه أحمد في المسند ٥: ١٦٦ - ١٦٧ (حلبى) ، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به، بزيادة في آخره.
ورواه أيضا ٥: ١٥٠، ١٥٦، ١٥٧، ١٦٠ (حلبي) ، بأسانيد، عن الأعمش، مطولا. وكذلك رواه مسلم ١: ١٤٦ - ١٤٧، من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش.
وذكره ابن كثير ٢: ١٩٠، من رواية المسند (٥: ١٥٠) ، ثم قال: "وأخرجه البخاري، ومسلم - من حديث الأعمش، به". وذكره السيوطي ٢: ٥٢، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبيهقي في الشعب.
(٢) في المطبوعة: "فأما في وضعه بيتا ... "، غيروا ما في المخطوطة وهو صواب.
(٣) انظر ما سلف ٣: ٥٧ - ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>