للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧٥٣٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله:"ومن يعتصم بالله فقد هدى" قال: يؤمن بالله.

* * *

وأصل"العَصْم" المنع، فكل مانع شيئًا فهو"عاصمه"، والممتنع به"معتصمٌ به"، ومنه قول الفرزدق:

أَنَا ابنُ العَاصِمينَ بَنِي تَمِيم ... إذَا مَا أَعْظَمُ الحَدَثَانِ نَابَا (١)

ولذلك قيل للحبل"عِصام"، وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته"عِصام"، ومنه قول الأعشى:

إلَى المَرْءِ قَيْسٍ أُطِيلُ السُّرَى ... وَآخُذُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ عُصمْ (٢)

يعني بـ "العُصم" الأسباب، أسبابَ الذمة والأمان. يقال منه:"اعتصمت بحبل من فلان" و"اعتصمتَ حبلا منه" و"اعتصمت به واعتصمته"، وأفصح اللغتين إدخال"الباء"، كما قال عز وجل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) ، وقد جاء:"اعتصمته"، كما الشاعر: (٣)

إذَا أَنْتَ جَازَيْتَ الإخاءَ بِمِثْلِهِ ... وَآسَيْتَنِي، ثمَّ اعْتَصَمْتَ حِبَالِيَا (٤)


(١) ديوانه: ١١٥، والنقائض: ٤٥١، مطلع قصيدة ينقض بها هجاء جرير.
(٢) ديوانه: ٢٩ من قصيدته في ثنائه على صاحبه قيس بن معد يكرب الكندي، وقد مضت منها أبيات في ١: ٢٤٢ / ٥: ٤٢٢. والسرى: سير الليل كله. والعصم جمع عصام، وهكذا ضبط في شعره، وجائز أن يضبط"عصم" (بكسر العين وفتح الصاد) جمع"عصمة" (بكسر العين وسكون الصاد) وكلاهما مجاز في معنى العهود. وقوله: "وآخذ من كل حي عصم"، يعني أن سطوة قيس في الأحياء، ورهبته في صدورهم، تجعل له عند كل حي عهدًا يأخذه ليجوز به أرضهم آمنًا، لا يمسه أحد ولا ينال منه. وسيأتي مثل هذا المعنى في بيت آخر يأتي بعد قليل ص: ٧٠، تعليق: ٣.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) معاني القرآن للفراء ١: ٢٢٨، وضبطه"ثم" هكذا، وبقى جواب"إذا" في بيت بعده فيما أرجح. ولو قرأته"ثم" بفتح الثاء، أي هناك، كان جواب"إذا"، "اعتصمت حباليا". وتم البيت، وانفرد عما بعده. ولكني لا أستطيع أن أرجح هذا حتى أعرف بقية الأبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>