للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما عَرَض عليهم من الإسلام، وقالوا له: (١) إنا قد تركنا قومَنا ولا قومَ بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسَى الله أن يجمعهم بك، وسنَقْدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين؛ فإن يجمعهم الله عليه، فلا رجلَ أعزّ منك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم، قد آمنوا وصدّقوا = وهم فيما ذكر لي ستة نفر. قال: فلما قدموا المدينة على قومهم، ذكرُوا لهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ودعوهم إلى الإسلام، حتى فَشا فيهم، فلم تَبقَ دارٌ من دور الأنصار إلا وفيها ذكرٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا كان العامُ المقبل، وافى الموسمَ من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيْعَة النساء، (٢) وذلك قبل أن تُفترَض عليهم الحرب. (٣)

٧٥٨٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عكرمة: أنه لقىَ النبي صلى الله عليه وسلم ستةُ نفرٍ من الأنصار فآمنوا به وصدّقوه، فأراد أن يذهبَ معهم، فقالوا: يا رسول الله، إن


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "قالوا" بإسقاط الواو، والصواب ما في سيرة ابن هشام.
(٢) بيعة النساء، هي البيعة المذكورة في [سورة الممتحنة: ١٢] ، ونصها فيما رواه ابن إسحاق بإسناديه عن عبادة بن الصامت أنه قال (ابن هشام ٢: ٧٥، ٧٦) : "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ العقبة الأولى على أن لا نُشْرك بالله شيئًا، ولا نَسْرِق، ولا نزني، ولا نقتُل أولادَنا، ولا نأتي ببُهْتانٍ نَفتريهِ من بين أيدينا وأرجُلنا، ولا نَعْصِيه في معروفٍ = فإِن وَفَيْتُم، فلكُمُ الجنَّة. وإن غَشِيتُم من ذلك شيئًا فأُخِذْتم بحدِّه في الدنيا، فهو كفَّارةٌ لكم. وإن سترتُم عليه إلى يوم القيامة، فأمركم إلى الله، إن شاءَ عذب وإن شاءَ غفر". وهذه بيعة لم يذكر فيها القتال والجهاد، مما كتبه الله على الرجال دون النساء، ولذلك سميت بيعة النساء، لأنها مطابقة لبيعتهن المذكورة في سورة الممتحنة.
(٣) الأثر: ٧٥٨٦- سيرة ابن هشام ٢: ٦٩ - ٧٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ٧٥٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>