قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا، على ما اخترنا من القراءة: وما تفعل هذه الأمة من خير، وتعمل من عملٍ لله فيه رضًى، فلن يكفُرهم الله ذلك، يعني بذلك: فلن يبطل الله ثوابَ عملهم ذلك، ولا يدعهم بغير جزاء منه لهم عليه، ولكنه يُجزل لهم الثواب عليه، ويسني لهم الكرامة والجزاء.
* * *
وقد دللنا على معنى"الكفر" فيما مضى قبل بشواهده، وأنّ أصله تغطية الشيء (١)
* * *
فكذلك ذلك في قوله:"فلن يكفروه"، فلن يغطّى على ما فعلوا من خير فيتركوا بغير مجازاة، ولكنهم يُشكرون على ما فعلوا من ذلك، فيجزل لهم الثواب فيه.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك من التأويل تأوَّل من تأول ذلك من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٧٦٦٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وما تفعلوا من خير فلن تكفروه" يقول: لن يضلّ عنكم.
٧٦٦٦- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله.
* * *
وأما قوله:"والله عليم بالمتقين"، فإنه يقول تعالى ذكره: والله ذو علم بمن اتقاه، لطاعته واجتناب معاصيه، وحافظٌ أعمالهم الصالحة حتى يثيبهم عليها ويجازيهم بها، تبشيرًا منه لهم جل ذكره في عاجل الدنيا، وحضًّا لهم على التمسك بالذي هم عليه من صالح الأخلاق التي ارتضاها لهم.
* * *
(١) انظر ما سلف ١: ٢٥٥، ٣٨٢، ٥٥٢، ثم ما بعد ذلك في فهارس اللغة من الأجزاء السالفة.