يقول تعالى ذكره: فكذلك فعل الله بنفقة الكافر وصدقته في حياته، حين يلقاه، يبطل ثوابها ويخيب رجاؤه منها. وخرج المثَل للنفقة، والمراد بـ "المثل" صنيع الله بالنفقة، فبيَّن ذلك قوله:"كمثل ريح فيها صرٌّ"، فهو كما قد بيّنا في مثله قوله:(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)(١)[سورة البقرة: ١٧] وما أشبه ذلك.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام،: مثل إبطال الله أجرَ ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا، كمثل ريح فيها صر. وإنما جاز ترك ذكر"إبطال الله أجر ذلك"، لدلالة آخر الكلام عليه، وهو قوله:"كمثل ريح فيها صرٌّ"، ولمعرفة السامع ذلك معناه.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى"النفقة" التي ذكرها في هذه الآية.
فقال بعضهم: هي النفقة المعروفة في الناس.
*ذكر من قال ذلك:
٧٦٦٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا"، قال: نفقة الكافر في الدنيا.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك قوله الذي يقوله بلسانه، مما لا يصدِّقه بقلبه.
*ذكر من قال ذلك:
٧٦٦٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"مثل ما ينفقون في هذ الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرثَ قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته"، يقول: مثل ما يقول فلا يقبل