للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن اتخاذها من دونهم، فقال: إن هذه البطانة لا تترككم طاقتها خبالا أي لا تدع جهدها فيما أورثكم الخبال. (١)

* * *

وأصل"الخبْل" و"الخبال"، الفساد، ثم يستعمل في معان كثيرة، يدل على ذلك الخبرُ عن النبي صلى الله عليه وسلم:

٧٦٧٩-"من أصيب بخبْل = أو جرَاح". (٢)

* * *

وأما قوله:"ودوا ما عنِتُّم"، فإنه يعني: ودوا عنتكم، يقول: يتمنون لكم العنَت والشر في دينكم وما يسوءكم ولا يسرُّكم. (٣)

* * *

وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين كانوا يخالطوهم حلفائهم من اليهود وأهل النفاق منهم، ويصافونهم المودَّة بالأسباب التي كانت بينهم في جاهليتهم قبل الإسلام، فنهاهم الله عن ذلك وأن يستنصحوهم في شيء من أمورهم.

*ذكر من قال ذلك:


(١) لقد أبعد أبو جعفر المذهب في احتياله في تفسير"لا يألونكم"، فإن بيان أهل اللغة عن معنى هذا الحرف من العربية، أصدق وأكمل من بيانه، فقد ذكروا المعنى الذي ذكره ثم قالوا: "ما ألوت ذلك: أي ما استطعته؛ وما ألوت أن أفعله: أي ما تركت" وقالوا: "هي من الأضداد؛ ألا: فتر وضعف = وألا: اجتهد"، فراجع ذلك في كتب العربية.
(٢) الأثر: ٧٦٧٩- رواه أبو جعفر غير مسند؛ ورواه أحمد في مسنده ٤: ٣١، والبيهقي في السنن ٨: ٥٣، ورواية أحمد من طريق شيخه"محمد بن سلمة الحراني، عن ابن إسحاق = ويزيد بن هرون قال أنبأنا محمد بن إسحاق = عن الحارث بن فضيل، عن فضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء -قال يزيد: السلمي- عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقال يزيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول-: من أصيب بدم أو خبل =الخبل: الجراح= فهو بالخيار بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص، أو يأخذ العقل، أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا على يده، فإن فعل شيئا من ذلك ثم عدا بعد فقتل، فله النار خالدا فيها مخلدا".
يعني بالدم: قتل النفس -وبالخبل أو الجراح: قطع العضو. وقد تركت ما في الطبري على حاله: "أو جراح" وبينت بالترقيم أنها كأنها رواية أخرى في قوله: "خبل"، شك من الراوي. ولكن سياق الخبر يرجح عندي أنها: "أي: جراح"، لأنه قد جاء في الحديث نفسه تفسير"الخبل" بالجراح.
(٣) انظر تفسير"العنت" فيما سلف ٤: ٣٥٨ - ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>