للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر"الواو"، لتظاهرُ الأخبار عن [أصحاب] رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم (١) بأن الملائكة هي التي سوَّمت أنفسها، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل، أو إلى غيره من خلقه.

ولا معنى لقول من قال: إنما كان يُختار الكسرُ في قوله:"مسوِّمين"، لو كان في البشر، فأما الملائكة فوصفهم غيرُ ذلك = ظنًا منه بأن الملائكة غير ممكن فيها تسويمُ أنفسها إمكانَ ذلك في البشر. وذلك أنه غيرُ مستحيل أن يكون الله عز وجل مكنها من تسويم أنفسها نحو تمكينه البشر من تسويم أنفسهم، فسوَّموا أنفسهم نحو الذي سوَّم البشر، (٢) طلبًا منها بذلك طاعة ربها، فأضيف تسويمها أنفسهَا إليها. وإن كان ذلك عن تسبيب الله لهم أسبابه. وهي إذا كانت موصوفة بتسويمها أنفسهَا تقرٌُّبًا منها إلى ربها، كأن أبلغ في مدحها لاختيارها طاعة الله من أن تكون موصوفة بأن ذلك مفعول بها.

* * *

ذكر الأخبار بما ذكرنا: من إضافة من أضاف التسويم إلى الملائكة، دون إضافة ذلك إلى غيرهم، على نحو ما قلنا فيه:


(١) في المطبوعة: "لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل التأويل منهم. . ." وهي عبارة فاسدة، ثم لا تؤيدها الأخبار التي رواها بعد. وفي المخطوطة مثلها، إلا أنه كتب"بأهل التأويل"، وهو تحريف وخطأ. والصواب أن الأخبار المتظاهرة التي سيذكرها هي عن أصحاب رسول الله وأهل التأويل منهم، فلذلك زدت"أصحاب" بين القوسين، وجعلت"فأهل"، "وأهل"، واستقام الكلام. ولو تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان به ولا بأحد حاجة إلى تظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله وأهل التأويل منهم ومن التابعين من بعدهم. ففي خبره صلى الله عليه وسلم كفاية من كل خبر، بأبي هو وأمي.
(٢) في المطبوعة: ". . . مكنها من تسويم أنفسها بحق تمكينه البشر. . ." ثم". . . فسوموا أنفسهم بحق الذي سوم البشر"، وهو كلام لا معنى له. وفي المخطوطة أساء الكاتب في الكلمة الأولى فنقط الحروف ومجمجها فاختلطت، وكتب الثانية"بحق" غير منقوطة، وصواب قراءتها في الموضعين"نحو" كما أثبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>