للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكروا نهي الله عنها، وما حرَّم الله عليهم، فاستغفروا لها، وعرفوا أنه لا يغفر الذنوبَ إلا هو. (١)

* * *

وأما قوله:"ومن يغفر الذنوب إلا الله"، فإن اسم"الله" مرفوع ولا جحد قبله، وإنما يرفع ما بعد"إلا" بإتباعه ما قبله إذا كان نكرة ومعه جحد، كقول القائل:"ما في الدار أحد إلا أخوك". (٢) فأما إذا قيل:"قام القوم إلا أباك"، فإن وجه الكلام في"الأب" النصب. و"مَنْ" بصلته في قوله:"ومن يغفر الذنوب إلا الله"، معرفة. فإن ذلك إنما جاء رفعًا، لأن معنى الكلام: وهل يغفر الذنوب أحدٌ = أو: ما يغفر الذنوب أحدٌ إلا الله. فرفع ما بعد"إلا" من [اسم] الله، (٣) على تأويل الكلام لا على لفظه.

* * *

وأما قوله:"ولم يصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون"؛ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويل"الإصرار"، ومعنى هذه الكلمة.

فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يثبتوا على ما أتوا من الذنوب ولم يقيموا عليه، ولكنهم تابوا واستغفروا، كما وصفهم الله به.

*ذكر من قال ذلك:

٧٨٥٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولم يصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون"، فإياكم والإصرار، فإنما هلك المصرُّون، الماضون قُدُمًا، لا تنهاهم مخافة الله عن حرام حرَّمه الله عليهم، ولا يتوبون من ذنب أصابوه، حتى أتاهم الموتُ وهم على ذلك.


(١) الأثر: ٧٨٥٦- ابن هشام ٣: ١١٥، ١١٦ - وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: ٧٨٣٩.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٣٤.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "ما بعد إلا من الله"، والصواب زيادة ما بين القوسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>