للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا، قول من قال:"الإصرار"، الإقامة على الذنب عامدًا، وترك التوبة منه. (١) ولا معنى لقول من قال:"الإصرار على الذنب هو مواقعته"، لأن الله عز وجل مدح بترك الإصرار على الذنب مُواقع الذنب، فقال:"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفرُ الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"، ولو كان المواقع الذنب مصرًّا بمواقعته إياه، لم يكن للاستغفار وجه مفهوم. لأن الاستغفار من الذنب إنما هو التوبة منه والندم، ولا يعرف للاستغفار من ذنب لم يواقعه صاحبه، وجهٌ.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما أصرَّ من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة".

٧٨٦٣- حدثني بذلك الحسين بن يزيد السبيعي قال، حدثنا عبد الحميد الحماني، عن عثمان بن واقد، عن أبي نصيرة، عن مولى لأبي بكر، عن أبي بكر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٢)

* * *


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "أو ترك التوبة"، ولا معنى لوضع "أو" هنا والصواب ما أثبت.
(٢) الحديث: ٧٨٦٣- الحسين بن يزيد السبيعي؛ مضى الكلام في: ٢٨٩٢ بالشك في نسبته"السبيعي". ولكن هكذا ثبتت هذه النسبة مرة أخرى في هذا الموضع. فلعله شيخ للطبري لم تصل إلينا معرفته. عبد الحميد الحماني - بكسر الحاء وتشديد الميم: هو عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني الكوفي، وهو ثقة، وثقه ابن معين، وأخرج له الشيخان. عثمان بن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: ثقة، وثقه ابن معين. وقال أحمد: "لا أرى به بأسا".
أبو نصيرة -بضم النون وفتح الصاد المهملة- الواسطي: اسمه مسلم بن عبيد. وهو تابعي ثقة. والحديث ذكره ابن كثير ٢: ٢٤٨، من رواية أبي يعلى، من طريق عبد الحميد الحماني، بهذا الإسناد، ووقع فيه تحريف في كنية"أبي نصيرة" واسمه ونسبته. وهو خطأ مطبعي فيما أرجح.
وقال ابن كثير - بعد ذكره: "ورواه أبو داود، والترمذي، والبزار في مسنده، من حديث عثمان بن واقد، وقد وثقه يحيى بن معين - به. وشيخه أبو نصيرة الواسطى، واسمه مسلم بن عبيد، وثقه الإمام أحمد، وابن حبان. وقول علي بن المديني والترمذي: ليس إسناد هذا الحديث بذاك - فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر. ولكن جهالة مثله لا تضر، لأنه تابعي كبير، ويكفيه نسبته إلى أبي بكر، فهو حديث حسن".
وذكره السيوطي ٢: ٧٨، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>