للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: وكيف قيل:"وليعلم الله الذين آمنوا" معرِفةً، وأنت لا تستجيز في الكلام:"قد سألت فعلمتُ عبد الله"، وأنت تريد: علمت شخصه، إلا أن تريد: علمت صفته وما هو؟

قيل: إن ذلك إنما جاز مع"الذين"، لأن في"الذين" تأويل"مَن" و"أيّ"، وكذلك جائز مثله في"الألف واللام"، كما قال تعالى ذكره: (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [سورة العنكبوت: ٣] ، (١) لأن في"الألف واللام" من تأويل"أيّ"، و"مَن"، مثل الذي في"الذي". ولو جعل مع الاسم المعرفة اسم فيه دلالة على"أيّ"، جاز، كما يقال:"سألت لأعلم عبد الله مِنْ عمرو"، ويراد بذلك: لأعرف هذا من هذا. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: وليعلم الله الذين آمنوا منكم، أيها القوم، من الذين نافقوا منكم، نداول بين الناس = فاستغنى بقوله:"وليعلم الله الذين آمنوا منكم"، عن ذكر قوله:"من الذين نافقوا"، لدلالة الكلام عليه. إذ كان في قوله:"الذين آمنوا" تأويل"أيّ" على ما وصفنا. فكأنه قيل: وليعلم الله أيكم المؤمن، كما قال جل ثناؤه: (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى) [سورة الكهف: ١٢] (٣) غير أن"الألف واللام"، و"الذي" و"من" إذا وضعت مع العَلم موضع"أيّ"، نصبت بوقوع العلم عليه، كما قيل:"وليعلمَنَّ الكاذبين"، فأما"أيّ" فإنها ترفع. (٤)

* * *

قال أبو جعفر: وأما قوله:"ويتخذ منكم شهداء"، فإنه يعني:"وليعلم


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "وليعلمن الله" بالواو، وهو سهو من الناسخ مخالف للتلاوة.
(٢) انظر تفصيل هذا في معاني القرآن للفراء ١: ٢٣٤، ٢٣٥.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "ليعلم" بالياء، وهو سهو من الناسخ مخالف للتلاوة.
(٤) انظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٢٣٤، ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>