للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر فكسرَ أنفه ورباعيته، وشجَّه في وجهه فأثقله، (١) وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس:"إليَّ عباد الله! إلى عباد الله! "، فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فجعلوا يسيرون بين يديه، فلم يقف أحدٌ إلا طلحة وسهل بن حنيف. فحماه طلحة، فَرُمِيَ بسهم في يده فيبست يده.

= وأقبل أبي بن خلف الجمحي - وقد حلف ليقتلن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتله (٢) - فقال: يا كذاب، أين تفرّ؟ فحمل عليه، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في جيب الدرع، (٣) فجُرح جَرحًا خفيفًا، فوقع يخور خوار الثور. (٤) فاحتملوه وقالوا: ليس بك جراحة!، [فما يُجزعك] ؟ (٥) قال: أليس قال:"لأقتلنك"؟ لو كانت لجميع ربيعة ومضر لقتلتهم! ولم يلبث إلا يومًا وبعض يوم حتى مات من ذلك الجرح.

= وفشا في الناس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قُتل، فقال بعض أصحاب الصخرة:"ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي، فيأخذ لنا أمَنَةً من أبي سفيان!! يا قوم، إن محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم". (٦) قال أنس بن النضر:"يا قوم، إن كان محمد قد قُتل، فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إنى أعتذر إليك مما


(١) الرباعية (مثل ثمانية) : إحدى الأسنان الأربعة التي تلي الثنايا، بين الثنية والناب.
(٢) في المطبوعة: "بل أقتلك"، غير الناشر ما في المخطوطة، وهو موافق لما في التاريخ، ظنًا منه أن أبي بن خلف، قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك كذلك، بل قاله في مغيبه لا في مشهده. فلما بلغ ذلك رسول الله قال: بل أنا أقتله.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "جنب الدرع"، وهو خطأ، صوابه من التاريخ. وجيب القميص والدرع: الموضع الذي يقور منه ويقطع، لكي يلبس من ناحيته.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "يخور خوران الثور"، وهو خطأ صرف، والصواب من التاريخ. خار الثور يخور خوارًا: صاح وصوت أشد صوت. وليس في مصادره"خوران".
(٥) الزيادة بين القوسين من التاريخ.
(٦) الأمنة (بفتح الألف والميم والنون) : الأمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>