للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعناه: اقترب، (١) كما قال الشاعر: (٢)

حَتَّى إذَا قَمِلَتْ بُطُونكُمُ ... وَرَأَيْتُمُ أَبْنَاءَكُمْ شَبُّوا (٣) وَقَلَبْتُمْ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنَا ... إنَّ اللَّئِيمَ العَاجِزَ الخَبُّ (٤)

* * *

القول في تأويل قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"منكم من يريد الدنيا، الذين تركوا مقعدهم الذي أقعدهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعب من أحُد لخيل المشركين، ولحقوا بعسكر المسلمين طلب النهب إذ رأوا هزيمة المشركين ="ومنكم من يريد الآخرة"، يعني بذلك: الذين ثبتوا من الرماة في مقاعدهم التي


(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٣٨.
(٢) هو الأسود بن يعفر النهشلي، وهو في أكثر الكتب غير منسوب.
(٣) معاني القرآن للفراء ١: ١٠٧، ٢٣٨ / اللسان (قمل) والجزء: ٢٠: ٣٨١ / تأويل مشكل القرآن: ١٩٧، ١٩٨ / المعاني الكبير: ٥٣٣ / مجالس ثعلب: ٧٤ / أمالي الشجري ١: ٣٥٧، ٣٥٨ / الإنصاف لابن الأنباري: ١٨٩ / الخزانة ٤: ٤١٤ / وهو في جميعها غير منسوب، وهو من شعر لم أجده تامًا، ذكر أبياتًا منه البكري في معجم ما استعجم: ٣٧٩، فيها البيت الأول وحده، وبيتان آخران منها في اللسان (وقب) وتهذيب الألفاظ: ١٩٦. وهو من شعر يهجو فيه بني نجيح، من بني عبد الله بن مجاشع بن دارم يقول في هجائهم: أَبَنِي نَجِيحٍ، إنَّ أُمَّكُمُ ... أَمَةٌ، وإنَّ أَبَاكُمُ وَقْبُ
أَكَلَتْ خَبِيثَ الزَّادِ فَاتَّخَمَتْ ... عَنْهُ، وَشَمَّ خِمَارَهَا الكَلْبُ
وقوله: "قملت بطونكم"، كثرت قبائلكم. والبطون بطون القبائل.
(٤) يقال: "قلبت له ظهر المجن" - والمجن: الترس، لأنه يوارى صاحبه - كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودة ورعاية، ثم حال عن ذلك فعاداه. والخب (بفتح الخاء، وكسرها) الخداع الخبيث المنكر: وفي الحديث: "المؤمن غر كريم، والكافر خب لئيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>