للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:"يوم التقى الجمعان"، يعني: يوم التقى جمعُ المشركين والمسلمين بأحد ="إنما استزلهم الشيطان"، أي: إنما دعاهم إلى الزّلة الشيطانُ.

* * *

وقوله"استزل""استفعل" من"الزلة". و"الزلة"، هي الخطيئة. (١)

* * *

="ببعض ما كسبوا"، يعني ببعض ما عملوا من الذنوب (٢) . ="ولقد عفا الله عنهم"، يقول: ولقد تجاوز الله عن عقوبة ذنوبهم فصفح لهم عنه (٣) ="إن الله غفور"، يعني به: مغطّ على ذنوب من آمن به واتبع رسوله، بعفوه عن عقوبته إياهم عليها ="حليم"، يعني أنه ذو أناة لا يعجل على من عصاه وخالف أمره بالنقمة. (٤)

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين عُنوا بهذه الآية.

فقال بعضهم: عني بها كلُّ من ولَّى الدُّبُرَ عن المشركين بأحد.

*ذكر من قال ذلك:

٨٠٩٨- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا أبو بكر بن عياش قال، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه قال: خطب عمر يوم الجمعة فقرأ"آل عمران"، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى قوله:"إنّ الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان"، قال: لما كان يوم أحد هزمناهم، ففررتُ حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أرْوَى، (٥) والناس يقولون:"قُتل محمد"! فقلت: لا أجد أحدًا يقول:"قتل محمد"، إلا قتلته!. حتى اجتمعنا على الجبل، فنزلت:"إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان"، الآية كلها. (٦)


(١) انظر تفسير: "زل" فيما سلف ١: ٥٢٤، ٥٢٥ / ٤: ٢٥٩، ٢٦٠.
(٢) انظر تفسير"كسب" فيما سلف ٢: ٢٧٣، ٢٧٤ / ٣: ١٠١، ١٢٨ / ٤: ٤٤٩ / ٦: ١٣١، ٢٩٥.
(٣) انظر تفسير"عفا" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير"غفور حليم" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٥) "أنزو": أثبت، والنزو الوثب. والأروى: أنثى الوعول، وهي قوية على التصعيد في الجبال.
(٦) الأثر: ٨٠٩٨-"أبو هشام الرفاعي" هو"محمد بن يزيد بن محمد بن كثير"، مضى في رقم: ٣٢٨٦، ٤٥٥٧، ٤٨٨٨، وغيرها. و"أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط"، قيل اسمه"محمد"، وقيل: "عبد الله" وقيل وقيل، ولكن الحافظ قال: "والصحيح أن اسمه كنيته، كان حافظًا متقنًا، ولكنه لما كبر ساء حفظه، فكان يهم إذا روى، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر، كما قال ابن حبان". مترجم في التهذيب.
و"عاصم بن كليب بن شهاب المجنون الجرمي"، روى عن أبيه، وأبي بردة بن أبي موسى، ومحمد بن كب القرظي، وغيرهم. روى عنه ابن عون وشعبة وشريك والسفيانان وغيرهم. قال أحمد: "لا بأس بحديثه"، وقال النسائي وابن معين: "ثقة". وكان من العباد، ولم يكن كثير الحديث. مترجم في التهذيب.
وأبوه: "كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي"، روى عن أبيه، وعن خاله الفلتان بن عاصم، وعمر، وعلي، وسعد، وأبي ذر، وأبي موسى، وأبي هريرة وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة، ورأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به". مترجم في التهذيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>