فأما إذا كانت الصلة معرفة، كان الفصيح من الكلام الإتباع، كما قيل:"فبما نقضهم ميثاقهم"، والرفع جائز في العربية. (١)
* * *
وبنحو ما قلنا في قوله:"فبما رحمة من الله لنت لهم"، قال جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٨١١٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"فبما رحمة من الله لنت لهم"، يقول: فبرحمة من الله لنت لهم.
* * *
وأما قوله:"ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فإنه يعني بـ"الفظ" الجافي، وبـ"الغليظ القلب"، القاسي القلب، غير ذي رحمة ولا رأفة. وكذلك كانت صفته صلى الله عليه وسلم، كما وصفه الله به:(بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[سورة التوبة: ١٢٨] .
* * *
فتأويل الكلام: فبرحمة الله، يا محمد، ورأفته بك وبمن آمن بك من أصحابك ="لنت لهم"، لتبَّاعك وأصحابك، فسُهلت لهم خلائقك، وحسنت لهم أخلاقك، حتى احتملت أذى من نالك منهم أذاه، وعفوت عن ذي الجرم منهم جرمَه، وأغضيت عن كثير ممن لو جفوت به وأغلظت عليه لتركك ففارقك ولم يتَّبعك ولا ما بُعثت به من الرحمة، ولكن الله رحمهم ورحمك معهم، فبرحمة من الله لنت لهم. كما:-
٨١٢٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، إي والله، لطهَّره الله من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبًا رحيما بالمؤمنين رءوفًا = وذكر لنا أن نعت محمد صلى
(١) انظر مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٤٤، ٢٤٥.