للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانتقام ="قدير"، يعني: ذو قدرة. (١) .

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"قل هو من عند أنفسكم"، بعد إجماع جميعهم على أن تأويل سائر الآية على ما قلنا في ذلك من التأويل.

فقال بعضهم: تأويل ذلك:"قل هو من عند أنفسكم"، بخلافكم على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، إذْ أَشار عليكم بترك الخروج إلى عدوكم والإصحار لهم حتى يدخلوا عليكم مدينتكم، ويصيروا بين آطامكم، (٢) فأبيتم ذلك عليه، وقلتم:"اخرج بنا إليهم حتى نصْحر لهم فنقاتلهم خارج المدينة".

*ذكر من قال ذلك:

٨١٧٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا" أصيبوا يوم أحد، قُتل منهم سبعون يومئذ، وأصابوا مثليها يوم بدر، قتلوا من المشركين سبعين وأسروا سبعين ="قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم"، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم أحد، حين قدم أبو سفيان والمشركون، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"أنا في جُنَّة حصينة"، يعني بذلك المدينة،"فدعوا القوم أن يدخلوا علينا نقاتلهم" (٣) فقال له ناس من أصحابه من الأنصار: يا نبي الله، إنا نكره أن نقتل في طرق المدينة، وقد كنا نمتنع من الغزو في الجاهلية، فبالإسلام أحق أن نمتنع منه! (٤) فابرز بنا إلى القوم. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) انظر تفسير"قدير" في فهارس اللغة فيما سلف من الأجزاء.
(٢) "أصحر القوم": برزوا إلى الصحراء. و"أصحروا لأعدائهم": برزوا إلى فضاء لا يواريهم، لكي يقاتلوهم في الصحراء. و"الآطام" جمع أطم (بضم الهمزة والطاء) : وهو حصن مبني بالحجارة، كان أهل المدينة يتخذونها ويسكنونها يحتمون بها.
(٣) "الجنة" (بضم الجيم وتشديد النون) : هو ما وراك من السلاح واستترت به، كالدروع والبيضة، وكل وقاية من شيء فهو جنة.
(٤) في المطبوعة: "وقد كنا نمتنع في الغزو. . . أن نمتنع فيه"، وفي المخطوطة: "قد كنا نمتنع من الغزو. . . أن نمتنع فيه"، والصواب فيها ما أثبت، كما في الدر المنثور ٢: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>