للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

="لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، يعني بذلك: (١) لا خوف عليهم، لأنهم قد أمنوا عقاب الله، وأيقنوا برضاه عنهم، فقد أمنوا الخوف الذي كانوا يخافونه من ذلك في الدنيا، ولا هم يحزنون على ما خلَّفوا وراءهم من أسباب الدنيا ونكد عيشها، للخفض الذي صارُوا إليه والدعة والزُّلْفة. (٢) .

* * *

ونصب"أن لا" بمعنى: يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. (٣) .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

٨٢٢٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم" الآية، يقول: لإخوانهم الذين فارقوهم على دينهم وأمرهم، لما قدموا عليه من الكرامة والفضل والنعيم الذي أعطاهم.

٨٢٢٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم" الآية، قال، يقولون: إخواننا يقتلون كما قتلنا، يلحقونا فيصيبون من كرامة الله تعالى ما أصبنا.

٨٢٢٨- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ذكر لنا عن بعضهم في قوله:"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، قال: هم قتلى بدر وأحد، زعموا أن الله تبارك وتعالى لما قبض أرواحهم وأدخلهم الجنة، (٤) جُعلت أرواحهم في طير خضر ترعى في


(١) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف ١: ٥٥١ / ٢: ١٥٠، ٥١٢، ٥١٣ / ٥: ٥١٩.
(٢) "الخفض": لين العيش وسعته وخصبه، يقال: "عيش خفض، وخافض، وخفيض، ومخفوض": خصيب في دعة ولين. و"الزلفة": القربة والدرجة والمنزلة، عند الله رب العالمين.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٤٧.
(٤) انظر تفسير"زعم" فيما سلف قريبًا ص ٣٩٢ تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>