للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن الله جل وعز قذف في قلب أبي سفيان الرعب -يعني يوم أحد- بعد ما كان منه ما كان، فرجع إلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرّفًا، وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب"! وكانت وقعة أحد في شوال، وكان التجار يقدَمون المدينة في ذي القعدة، فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح، واشتكوا ذلك إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، واشتد عليهم الذي أصابهم. وإنّ رسول الله ندب الناس لينطلقوا معه، ويتَّبعوا ما كانوا متَّبعين، وقال: إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج، ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل، فجاء الشيطان فخوَّف أولياءه، فقال:"إن الناس قد جمعوا لكم"! فأبى عليه الناس أن يتبعوه، فقال:"إني ذاهبٌ وإن لم يتبعني أحد"، لأحضِّضَ الناس. (١) فانتدب معه أبو بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وسعد، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو عبيدة بن الجراح، في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان، فطلبوه حتى بلغوا الصفراء، فأنزل الله تعالى:"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجرٌ عظيم".

٨٢٣٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هاشم بن القاسم قال، حدثنا أبو سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت لعبد الله بن الزبير: يا ابن أختي، أما والله إن أباك وجدك -تعني أبا بكر والزبير- لممن قال الله تعالى فيهم:"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح". (٢) .


(١) هكذا في المخطوطة والمطبوعة"وتفسير ابن كثير ٢: ٢٩٨. أما الدر المنثور ٢: ١٠١، فقد أسقط"لأحضض الناس"، وأنا أرجح أن صوابه هو: "ليحضض الناس"، ولا أشك أن هذه الكلمة ليس من لفظه صلى الله عليه وسلم.
(٢) الحديث: ٨٢٣٩- هاشم بن القاسم: هو أبو النضر الإمام الحافظ، شيخ الإمام أحمد، وإسحاق، وابن المديني. وهو ثقة ثبت حجة. كان أهل بغداد يفخرون به. أبو سعيد: هو المؤدب، واسمه"محمد بن مسلم بن أبي الوضاح القضاعي". وهو ثقة مأمون.
والحديث رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٢٩٨، من طريق العباس بن محمد الدوري، عن هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. ووقع في مطبوعة المستدرك"هشام بن القاسم"، وهو خطأ مطبعي لا شك فيه.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
والحديث في الصحيحين، كما سيأتي في الرواية الآتية: ٨٢٤١. ولعلهما اعتبراه من المستدرك لقوله في هذه الرواية"أنها قالت لعبد الله بن الزبير". والذي في الرواية الآتية أنها قالت لعروة بن الزبير. وهما أخوان، والكلام لهما واحد. ومع ذلك فإن الحاكم رواه مرة أخرى، كرواية مسلم، كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>