للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"الذين" في موضع خفض مردود على"المؤمنين"، وهذه الصفة من صفة الذين استجابوا لله والرسول.

* * *

و"الناس" الأوّل، هم قوم -فيما ذكر لنا- كان أبو سفيان سألهم أن يثبِّطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد.

و"الناس" الثاني، هم أبو سفيان وأصحابه من قريش، الذين كانوا معه بأحد.

* * *

ويعني بقوله:"قد جمعوا لكم"، قد جمعوا الرجال للقائكم والكرّة إليكم لحربكم ="فاخشوهم"، يقول: فاحذروهم، واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم ="فزادهم إيمانًا"، يقول: فزادهم ذلك من تخويف من خوَّفهم أمرَ أبي سفيان وأصحابه من المشركين، يقينًا إلى يقينهم، وتصديقًا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسير فيه، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه، وقالوا = ثقة بالله وتوكلا عليه، إذ خوَّفهم من خوفَّهم أبا سفيان وأصحابه من المشركين ="حسبنا الله ونعم الوكيل"، يعني بقوله:"حسبنا الله"، كفانا الله، يعني: يكفينا الله = (١) "ونعم الوكيل"، يقول: ونعم المولى لمن وليَه وكفَله.

* * *

وإنما وصف تعالى نفسه بذلك، لأن"الوكيل"، في كلام العرب، هو المسنَد إليه القيام بأمر من أسنِد إليه القيام بأمره. فلما كان القوم الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآيات، قد كانوا فوَّضوا أمرهم إلى الله، ووثِقوا به، وأسندوا ذلك إليه، وصف نفسه بقيامه لهم بذلك، وتفويضِهم أمرهم إليه بالوكالة فقال: ونعم الوكيل الله تعالى لهم.

* * *


(١) انظر تفسير"حسب" فيما سلف ٤: ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>