لبَّبته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتُك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقلت: كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتُك تقرؤها! فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تُقْرِئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلتْ. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا عمر. فققرأتُ القراءة التي أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فققال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلتْ. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها (١) .
١٦- حدثني أحمد بن منصور، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا حرب بن ثابت من بني سُلَيم، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جده، قال: قرأ رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فغيَّر عليه، فقال: لقد قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغيِّر عليَّ. قال: فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى! قال: فوقع في صدر عمرَ شيء، فعرف
(١) الحديث ١٥- رواه أحمد في المسند رقم: ٢٩٦ عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، وهو ابن شهاب، بهذا الإسناد نحوه. ورواه أيضًا رقم: ٢٩٧ عن الحكم بن نافع عن شعيب عن الزهري، به. ورواه بأسانيد أخر، مطولا ومختصرًا: ١٥٨، ٢٧٧، ٢٧٨، ٢٣٧٥. ورواه البخاري ٩:٢١-٢٣ من فتح الباري، مطولا بنحو مما هنا، من طريق الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب. ونقله ابن كثير في فضائل القرآن: ٧٢ عن رواية البخاري، ثم ذكر أنه رواه أيضًا مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي، من طرق عن الزهري. وفي تيسير الوصول ١:١٩٠ "أخرجه الستة"، وفيه مكان "وتصبرت"، و "تربصت به" وقوله: "كدت أساوره" أي كدت أواثبه وأبطش به. وقوله "فتصبرت حتى سلم". موافق لرواية البخاري، وفي المسند: "فنظرت حتى سلم" أي انتظرت.