قال: وقد جاء من الحذف ما هو أشد من هذا، قال:(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ) ولم يقل:"ومن أنفق من بعد الفتح"، لأنه لما قال:(أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ)[سورة الحديد: ١٠] ، كان فيه دليل على أنه قد عناهم.
* * *
وقال بعض من أنكر قول من ذكرنا قوله من أهل البصرة: إنّ"مَنْ" في قوله: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) في معنى جمع. ومعنى الكلام: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح في منازلهم وحالاتهم، فكيف من أنفق من بعد الفتح؟ فالأول مكتفٍ. وقال: في قوله:"لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم" محذوف، غير أنه لم يُحذف إلا وفي الكلام ما قام مقام المحذوف، لأن"هو" عائد البخل، و"خيرا لهم" عائد الأسماء، فقد دل هذان العائدان على أن قبلهما اسمين، واكتفى بقوله:"يبخلون" من"البخل".
* * *
قال: وهذا إذا قرئ بـ"التاء"، فـ"البخل" قبل"الذين"، وإذا قرئ بـ"الياء"، فـ"البخل" بعد"الذين"، وقد اكتفى بـ"الذين يبخلون"، من البخل، كما قال الشاعر:(١)