للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وقَتْلَهُمُ الأنْبِياءَ بغير حقٍّ" بنصب"القتل".

* * *

وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين: (" سَيُكْتَبُ مَا قَالُوا وَقَتْلُهُمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ") بالياء من"سيكتب" وبضمها، ورفع"القتل"، على مذهب ما لم يسمّ فاعله، اعتبارًا بقراءة يذكر أنها من قراءة عبد الله في قوله:"ونقول ذوقوا"، يذكر أنها في قراءة عبد الله:"ويُقَالُ". (١)

فأغفل قارئ ذلك وجه الصواب فيما قصد إليه من تأويل القراءة التي تُنسب إلى عبد الله، وخالف الحجة من قرأة الإسلام. وذلك أن الذي ينبغي لمن قرأ:"سيكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء" على وجه ما لم يسم فاعله، أن يقرأ:"ويقال"، لأن قوله:"ونقول" عطف على قوله:"سنكتب". فالصواب من القراءة أن يوفق بينهما في المعنى بأن يقرآ جميعًا على مذهب ما لم يسم فاعله، أو على مذهب ما يسمى فاعله. فأما أن يقرأ أحدهما على مذهب ما لم يسم فاعله، والآخر على وجه ما قد سُمِّي فاعله، من غير معنى ألجأه على ذلك، فاختيار خارج عن الفصيح من كلام العرب. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا:"سَنَكْتُب" بالنون"وقَتْلَهُمْ" بالنصب، لقوله:"وَنَقُول"، ولو كانت القراءة في"سيكتب"


(١) هذا كلام الفراء بلا شك، في معاني القرآن ١: ٢٤٩، ولكن وقع في نسخ الفراء خرم لم يتنبه إليه مصححو المطبوعة، تمامه مما ذكره الطبري ورواه عنه كعادته. والنص الذي في المطبوعة من معاني القرآن: "وقرئ: سيكتب ما قالوا، قرأها حمزة اعتبارًا، لأنها في مصحف عبد الله"، وانقطع الكلام، فظاهر أن فيه سقطًا، وظاهر أن تمامه ما رواه الطبري من قراءة عبد الله التي اعتبر بها حمزة في قراءة"سيكتب".
(٢) المعروف في كلامهم"ألجأه إلى كذا"، واستعمل الطبري"ألجأه عليه" بمعنى حمله عليه، على إرادة التضمين، وهو كلام فصيح لا يعاب، وهو من النوادر التي لم أجدها في كتاب، وإن كنت أذكر أني قرأتها في بعض كتب الشافعي رحمه الله، وغاب اليوم عني مكانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>