وأما قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فإنه يعني: فانكحوا ما حلَّ لكم منهن، دون ما حُرِّم عليكم منهنّ، كما:-
٨٤٧٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ما حلّ لكم.
٨٤٨٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، يقول: ما حلَّ لكم.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ولم يقل:"فانكحوا مَنْ طاب لكم"؟ وإنما يقال:"ما" في غير الناس.
قيل: معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبتَ إليه، وإنما معناه: فانكحوا نكاحًا طيبًا، كما:-
٨٤٨١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فانكحوا النساء نكاحًا طيبًا.
٨٤٨١م - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
فالمعنيّ بقوله:"ما طاب لكم"، الفعل، دون أعيان النساء وأشخاصهنَّ، فلذلك قيل"ما" ولم يقل"من"، كما يقال:"خذ من رقيقي ما أردت"، إذا عنيت: خذ منهم إرادتك. ولو أردت: خذ الذي تريد منهم، لقلت:"خذ من رقيقي من أردت منهم". (١) وكذلك قوله:"أو ما ملكت أيمانكم"، بمعنى: أو ملك أيمانكم.