للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذْ كان ذلك كذلك، لما قد دللنا في غير موضع = وكان قوله تعالى ذكره:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، محتملا أن يكون مرادا به: وإذا حضر قسمة مال قاسمٍ مالَه بوصيةٍ، أولو قرابته واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه - يراد: فأوصوا لأولي قرابتكم الذين لا يرثونكم منه، وقولوا لليتامى والمساكين قولا معروفًا، كما قال في موضع آخر: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة: ١٨٠] ، ولا يكون منسوخا بآية الميراث = (١) لم يكن لأحد صرفه إلى أنه منسوخ بآية الميراث، إذ كان لا دلالة على أنه منسوخ بها من كتاب أو سنة ثابتة، وهو محتمل من التأويل ما بينَّا. وإذْ كان ذلك كذلك، فتأويل قوله:"وإذا حضر القسمة"، قسمة الموصي ماله بالوصية، أولو قرابته ="واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، يقول: فاقسموا لهم منه بالوصية، يعني: فأوصوا لأولي القربى من أموالكم ="وقولوا لهم"، يعني الآخرين، وهم اليتامى والمساكين ="قولا معروفًا"، يعني: يدعى لهم بخير، (٢) كما قال ابن عباس وسائر من ذكرنا قوله قبلُ.

* * *

وأما الذين قالوا:"إنّ الآية منسوخة بآية المواريث"، والذين قالوا:"هي محكمة، والمأمور بها ورثة الميت" = فإنهم وَجّهوا قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، يقول: فأعطوهم منه ="وقولوا لهم قولا معروفًا"، وقد ذكرنا بعضَ من قال ذلك، وسنذكر بقية من قال ذلك ممن لم نذكره:

٨٦٨٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين"، أمر الله جل ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يَصِلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية، إن كان أوصىَ، وإن لم تكن وصية، وصَل إليهم من مواريثهم.

٨٦٨٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا حضر القسمة أولو القربى" الآية، يعني: عند قسمة الميراث.

٨٦٨٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة: أن أباه أعطاهُ من ميراث المُصْعب، حين قسم ماله.

٨٦٩٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا


(١) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك، لما قد دللنا في غير موضع ... لم يكن لأحد ... " وما بينهما عطف وفصل وبيان.
(٢) انظر تفسير"قول معروف" فيما سلف ٧: ٥٧٢، ٥٧٣ تعليق: ٢= ثم ٥٨٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>